للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحج: ٤٠] , وهؤلاء هم المهاجرون.

الثالث: قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: ١٩] نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر من الفريقين.

الرابع: أنه قد خاطبهم في آخرها بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} والخطاب بذلك كله مدني، فأمَّا الخطاب {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} فمشترك.

الخامس: أنه أمر فيها بالجهاد الذي يعم الجهاد باليد وغيره، ولا ريب أن الأمر بالجهاد المطلق إنما كان بعد الهجرة، فأمَّا جهاد الحجة، فأمر به في مكة بقوله: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} أي: بالقرآن {جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)} [الفرقان: ٥٢] فهذه سورة مكية، والجهاد فيها هو التبليغ، وجهاد الحجة، وأما الجهاد المأمور به في سورة الحج فيدخل فيه الجهاد بالسيف.

السادس: أن الحاكم روى في "مستدركه" من حديث الأعمش عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون ليهْلِكُنَّ، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: ٣٩] وهي أول آية نزلت في القتال، وإسناده على شرط الصحيحين، وسياق السورة يدل على أن فيها المكي والمدني، فإن قصة إلقاء الشيطان في أمنية الرسول مكية، والله أعلم (١).

وكما هو معروف في فن الحرب أن الهجوم أقوى وسائل الدفاع، وقريش مصممة على خوض المعركة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلتكن المبادرة منه، ومن أجل


(١) "زاد المعاد" ٣/ ٦٢، ٦٤.

<<  <   >  >>