للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- آخَى بَيْنَ أبي عُبَيْدَةَ بن الْجَرّاحِ، وَبَيْنَ أبي طَلْحَةَ (١).

قالَ تَعَالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر: ٩].

عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قالَ: لَمّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَينَ عبد الرَّحمَنِ بن عَوْفٍ وَسَعْدِ بن الرَّبِيعِ قالَ لِعبد الرَّحمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصارِ مالًا فَأَقْسِمُ مالِي نِصفَيْنِ وَلِي امْرَأَتانِ فانْظُرْ أَعْجَبَهُما إِلَيْكَ فَسَمِّها لِي أُطَلِّقْها فَإِذا انْقَضَتْ عِدَّتُها فَتَزَوَّجْها، قالَ: بارَكَ الله لَكَ في أَهْلِكَ وَمالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بني قَيْنُقاعَ فَما انْقَلَبَ إِلّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ ثُمَّ تابَعَ الْغُدُوَّ (٢)، ثُمَّ جاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْيَمْ"، قالَ: تَزَوَّجْتُ، قالَ: "كَمْ سُقْتَ إِلَيْها؟ " قالَ: نَواةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَواةٍ مِنْ ذهَبٍ (٣).

فهذا الموقف من الصحابي الجليل سعد بن الربيع يوضح حجم الحب والمودة الذي كان بين الأنصار وبين إخوانهم الذين هاجروا إليهم.

وآخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أبي بكر - رضي الله عنه - وخارجة بن زيد، وبين عمر بن الخطّاب وعتبان بن مالك، وبين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك، وبين سعيد بن زيد وأبي بن كعب، وبين عثمان بن عفان وأوس بن ثابت، وغيرهم (٤).


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٥٢٨)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مؤاخاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه.
(٢) أي تابع الذهاب إلى السوق فكان يذهب كثيرًا.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٧٨٠)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: إخاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار، وظاهر هذه الرواية الإرسال ولكنه جاء موصولًا في مواضع في الصحيح منها حديث (٣٧٨١) عن أنس - رضي الله عنه - وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: أولم ولو شاه.
(٤) انظر: "سيرة ابن هشام" ٢/ ٦٧، ٦٩.

<<  <   >  >>