للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحيى من حيَّ أي: يؤمن من آمن عن بينة أي: عن حجة وبصيرة، {وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢)} [الأنفال: ٤٢] أي: لدعائكم وتضرعكم واستغاثتكم به عليم بكم وأنكم تستحقون النصر على أعدائكم الكفرة المعاندين (١).

وكان الوادي الذي نزل به المسلمون لينًا سهلًا لا تثبت فيه أقدام الخيول، والوادي الذي نزل به المشركون صلبًا تتحرك فيه الخيل بسهولة، فأنعم الله تعالى على المسلمين بأن أرسل عليهم من السماء ماءً ليثبت به أقدامهم، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} تطهير الظاهر من الحدث الأصغر أو الأكبر، {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} من وسوسة أو خاطر سيء وهو تطهير الباطن {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} بالصبر والإقدام على مجالدة الأعداء، {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١)} [الأنفال: ١١]، حيث تصلبت الأرض وتوطأت، فثبتت به أقدام المسلمين في مواجهة عدوهم (٢).

ثم أنزل الله تعالى على المؤمنين النعاس أمانًا لهم، وراحة من عناء السفر، حتى إذا ما بدأت المعركة كانوا في ذروة النشاط والاستعداد.

أمَّا النبي - صلي الله عليه وسلم - فلم ينم، بل ظلَّ في عريشه الذي بناه له الصحابة بمشورة سعد بن معاذ - رضي الله عنه -، حيث قال: يا نبي الله، ألا نبنى لك عريشًا تكوّن فيه ونعُدُّ عندك ركائبك؟ ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا، كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلَّف عنك أقوام، يا نبي الله، ما نحن بأشدِّ لك حبًّا منهم، ولو ظنُّوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، ينصحونك ويجاهدون معك،


(١) "مختصر تفسير ابن كثير" للشيخ أحمد شاكر ٢/ ١١٤.
(٢) "مختصر تفسير ابن كثير" ٢/ ٩٤، ٩٥ بتصرف.

<<  <   >  >>