للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى قريش فقال: قتلت محمدًا، فلما قتل مصعب - رضي الله عنه - أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللواء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (١).

وَصَاحَ الشَّيْطَانُ وسط الميدان: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَلَمْ يُشَكَّ أحد أَنَّهُ حَقٌّ (٢).

فلما انتشر الخبر وشاع بين صفوف المسلمين، خارت قوى بعض المسلمين، ولانت عزيمتهم، حتى إنهم جلسوا عن القتال، فرآهم أنس بن النضر - رضي الله عنه - عم أنس بن مالك - رضي الله عنه - فقال لهم ما يُجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل (٣).

وكان أنس بن النضر - رضي الله عنه - لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة بَدْر، فقَالَ: غِبْتُ عَنْ أول قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرينَّ الله مَا أَصْنَعُ، فلما رأى ذلك من المسلمين يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين- وأبرأُ إليك مما جاء به المشركون، فتقدم بسيفه فلقيَ سَعْدُ بن مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْنَ يا سعد إني أجد رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ، فما عرف حتى عرفته أُخْتُهُ بشامة أو ببنانة وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم فنَزَلَتْ فيه وفي أصحابه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣)} [الأحزاب: ٢٣] (٤).

وكما تقدم فإن بعض القوم جلسوا عن القتال وفرَّ آخرون بين الشعاب


(١) "سيرة ابن هشام" ٣/ ٣.
(٢) صحيح: أخرجه أحمد (٢٦٠٩)، الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٢٩٦، ٢٩٧، وصححه وأقره الذهبي، وصححه أحمد شاكر.
(٣) "سيرة ابن هشام" ٣/ ٣، والحديث في "الصحيحين" بلفظ مختلف، انظر الذي بعده.
(٤) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٠٤٨)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد، ومسلم (١٩٠٣)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.

<<  <   >  >>