للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالتفوا حول المدينة وحاصروها من كل مكان فلما رأت يهود بني قريظة ذلك، تيقنوا أن المسلمين -بأي حالٍ- لن يفلتوا من هذه القوة الهائلة وأنهم سيُقضى عليهم لا محالة، ففكَّروا في نقض العهد الذي بينهم وبين المسلمين، ومساعدة الأحزاب للقضاء عليهم.

وفعلًا نقض يهود بني قريظة العهد، وأصبحوا على استعداد لمعاونة الأحزاب على المسلمين.

ووصل الخبر للنبي -صلى الله عليه وسلم- وشاع بين صفوف المسلمين، فاشتد الخطب عليهم.

وكانت ديار بني قريظة في العوالي في الجنوب الشرقي للمدينة على وادي مهزور، فكان موقعهم يمكنهم من إيقاع ضربة بالمسلمين من الخلف (١).

وفي ذلك يقول الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} أي: الأحزاب، {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} أي: بنو قريظة، {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} من شدة الخوف والفزع، {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: ١٠] الظنون السيئة، والخوف من المشركين، وأن الله لن ينصر دينه، {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١)} [الأحزاب: ١١] بالخوف والجوع والقلق الذي عاشوه، فكان هذا ابتلاء واختبار للمسلمين، ليتبين الخبيث من الطيب. وحدث ما أراده الله -عز وجل-.

فأما المؤمنون فسُرعان ما تنبهوا وظهر إيمانهم وثقتهم بالله -عز وجل-، وقالوا: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} من الابتلاء والامتحان الذي يعقبه النصر، {وَصَدَقَ


(١) "السيرة النبوية الصحيحة" ٢/ ٤٢٧.

<<  <   >  >>