للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن جَابِر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ (١) فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لَكُمْ؟ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأ بِهِ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا في رَكْوَتِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ في الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، قَالَ: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّاْنَا، فَقُيلْ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً (٢).


= راجعون. فهؤلاء تعلقوا تعلقًا تامًا بهذا الطبيب ومهارته ودوائه الذي يصفه، ونسوا الله تعالى الذي قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢].
فنحن لنا أن نفاضل لو كان هذا بين طبيبتين فنذهب إلى المعروف عنها الإتقان والمهارة في العمل أخذًا بالأسباب مع الاعتماد الكلي على الله عزّ وجلّ، أما وان كان التفاضل بين طبيب وطبيبة فلابد أن تذهب هذه المرأة إلى الطبيبة وإن كانت أقل في المهارة فإن الشفاء ليس بيدها ولا بيده إنما الشفاء بيد الله عزّ وجلّ وهو وحده الذي يملكه، فلا يعقل أن نأخذ ما عند الله بمعصية الله عزّ وجلّ.
هذا وأذكر- استطرادًا- أنه لا يجوز للرجل أيضًا أن يذهب إلى الطبيبات طالما أنه يوجد الأطباء، فلابد لكلٍ أن يذهب لبني جنسه، وإن كان أقل مهارة، وأبعد مكانًا.
وبعد أخي الكريم وأختي الكريمة لا بد لنا من عودة إلى دين ربنا عزّ وجلّ وأن يكون تعلقنا تعلقًا تامًا بالله عزّ وجلّ دون الأسباب، وإن كنت لا بد مادحًا أحدًا أو مادحًا نفسك، فلتقل مثلاً: الحمد لله وبفضل الله لقد جعل الله لي فلانًا سببًا في كذا وكذا، أو لقد اجتهدت في هذا الأمر فجعل الله ذلك سببًا في نجاحي، ونحو هذا الكلام الذي يدل على أن تعلقك الحقيقي بالله عزّ وجلّ وليس بأي شيء آخر.
(١) الرَّكوة: إناء صغير من جلد يُشرب فيه الماء، والجمع رِكاء.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤١٥٢)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (١٨٥٦)، كتاب: الإمارة، باب: بيان بيعة الرضوان تحت الشجرة.

<<  <   >  >>