للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، ومَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، وإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ، فَأَخْرَجَهُمْ (١).

وكان سبب إخراجهم أنهم اعتدوا على عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - عندما ذهب إلى ماله هناك ليلاً، فقَامَ عُمَرُ - رضي الله عنه - خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَلَ أهل خَيبَرَ عَلَى أمْوَالِهِمْ، وَقَالَ: نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ الله وَإِنَّ عبد الله بن عُمَرَ خَرَجَ إلى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ (٢)، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بني أبي الْحُقَيْقِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَعَامَلَنَا عَلَى الْأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَيفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ" (٣)، فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أبي الْقَاسِمِ (٤)، فقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ الله، فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَرِ مَالًا وَإِبِلًا وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (٥).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صالح أهل خيبر على أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيئًا، فَإِنْ


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٠٠٧)، كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: ما جاء في حكم أرض خيبر، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود": حسن صحيح.
(٢) الفدع: هو زوال المفصل. وأخرج البخاري حديثًا معلقًا: أنهم ألقوه من فوق بيت ففدعوا يديه.
(٣) القلوص -بفتح القاف-: الناقة الصابرة على السير، وقيل: الشابة، وفي ذلك إشارة من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى إخراجهم من خيبر وكان ذلك من إخباره بالغيبيات قبل وقوعها.
(٤) هزيلة: تصغير هزل، وهو ضد الجد.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٢٧٣٠)، كتاب: الشروط، باب: إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك.

<<  <   >  >>