للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أبي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ" (١).

فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وجاء الْوَحْيُ، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرْفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصار" قالوا: لبيك يا رسول الله، قَالَ: "قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فأدركته رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتهِ"، قالوا: قد كان ذلك، قال: "كلا إني عبد الله وَرَسُولِهِ، هَاجَرْتُ إِلَى الله وَإِلَيْكُمْ، فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ"، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: وَاللهِ مَا قُلْنَا إِلَّا ضِنًّا بِاللهِ وَرَسُولِهِ (٢)، قَالَ: "إنَّ الله وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ، وَيَعْذِرَانِكُمْ"، فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم (٣).

ورغم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّن أهل مكة جميعهم إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - استثنى ستة نفر، أهدر دماءهم.

عَنْ سَعْدِ بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خَطَل، ومِقَيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح، فأما عبد الله بن خَطَل فأُدرك وهو متعلق


(١) الذي يظهر من الروايات الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذه الكلمة مرتين، مرة حينما جاء أبو سفيان مسلمًا، وهذه المرة عند الصفا, ولا تعارض في ذلك. والله أعلم.
(٢) ضنًّا بالله ورسوله: أي حرصًا عل وجودك عندنا ومصاحبتك، فالضنُّ بالشيء الحرص عليه.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٨٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة.

<<  <   >  >>