للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخمر خلافًا لعادة الرجال في ذلك الوقت، وعدم سجوده لصنم حتى أقسم زيد بن حارثة بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما مس صنمًا قط حتى أكرمه الله بالوحي (١).

وعدم طوافه بالبيت عُريانًا وغيرها من صفات الرجولة والشهامة حتى قَالَتْ له خَدِيجَةُ: إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ (٢).

وحتى يشاهد هذه العلامات كل من حوله ويرونها رأي العين، ويتناقلونها بينهم، حتى إذا ما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكونون في عجبة من أمره. وكان ما أراده الله عزّ وجلّ فما أن بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا سارع كثير من المقربين إليه وغير المقربين بالإيمان به والدخول في دعوته المباركة، ولم يبق إلا من ختم الله على قلبه، أو من أراد الله أن يؤخر إسلامه إلى حين آخر.

ولذلك حتى الذين لم يؤمنوا به - صلى الله عليه وسلم - كانوا على يقين أنه على حق وأنه لا يكذب، وذلك لما علموه عنه من أخلاق كريمة، ومما حدث له من أحداث قبل نبوته، ومن تحديث الكهان والرهبان وأهل الكتاب به - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ما منعهم أن يؤمنوا به وأن يجحدوا بتلك العلامات إلا الكبر، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)} [النمل: ١٤]، وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)} [الأنعام: ٣٣].


(١) حسن: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ٥/ ٨٨، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٢/ ٣٤، والحاكم في "المستدرك" (٤٩٥٦)، وحسنه الذهبي في "السيرة".
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٩٥٣) كتاب: التفسير، باب: اقرأ باسم ربك الذي خلق، ومسلم (٢٥٢) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي.

<<  <   >  >>