سواء في تجارتهم وتصريف نتاجهم الزراعي حيث يمتلكون بساتين الأعناب والرمان والخضروات، أوفي رقيهم الأدبي وتفتح مداركهم حيث التلاقح الثقافي في هذه اللقاءات الموسمية المنظمة وحيث يقومون بالوساطة في التجارة الخارجية بين الشام واليمن من ناحية وسكان البوادي من ناحية أخرى.
وقد تشابكت مصالح ثقيف وهوازن مع مصالح قريش تشابكًا وثيقًا بحكم الجوار، فمكة والطائف قريبتان من بعضهما بينهما ٩٠ كم فقط، وكان القرشيون يصطافون بالطائف، ويمتلكون فيها البساتين والدور حتى سُمَّيت الطائف (بستان قريش)، وقد وطَّد هذه العلاقات ما كان بين قريش وهوازن من صلات نسبية قديمة توثقها المصاهرات المتجددة فكلاهما من مُضر الذي هو الجد السادس لهوازن والسابع أو الخامس لقريش، تبعًا لاختلاف النسابين.
وإن نظرة إلى كتب معرفة الصحابة يمكن أن توضح تشابك العلاقات بين قريش وهوازن نتيجة المصاهرات الكثيرة بين القبلتين، ولتوثيق هذه الصلات نجد أن عروة بن مسعود الثقفي كان رسولاً لقريش إلى المسلمين في الحديبية.
فلا غرابة وقد تشابكت علاقة قريش وهوازن بهذا الوثوق أن تقف هوازن مع قريش في صراعها ضد المسلمين منذ المرحلة المكية، وأن يئول إليها حمل الراية ضد الإِسلام بعد فتح مكة؛ لتملأ الفراغ إثر سقوط عامة قريش لمعسكر الشرك في الجزيرة العربية.
فمنذ أن لجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثقيف في الطائف يدعوهم بدعوة الإسلام، ثم يطلب منهم بعد رفضهم دعوته أن يكتموا ذلك، أبوا إلا أن يظهروا العداء الصريح، وأمروا صبيانهم فرشقوه بالحجارة ... إن قريشًا وهوازن أمرهم واحد، فمن خرج على قريش ودينها ومصالحها فقد خرج على دين هوازن وهدد مصالحها.