للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهله وماله ليقاتل عنهم، فقال: راعي ضأن والله، هل يَرُدُّ المنهزم شيء، إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك، فُضحت في أهلك ومالك، قال: ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد، قال: غاب الحدُّ (١) والجدُّ، لو كان يوم علاء ورفعة لم تغلب عنه كعب ولا كلاب، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب، فمن شهدها منكم؟ قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر، قال: ذانك الجذعان من عامر (٢) لا ينفعان ولا يضران، يا مالك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً، ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعُليا قومهم، ثم الق الصباة على متون الخيل، فإن كانت لك، لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك، قال: والله لا أفعل، إنك قد كبرت وكبر عقلك، والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لأتكئنَّ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري، وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي، فقالوا: أطعناك، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني.

يا لَيتَني فيها جَذَع ... أَخُبُّ فيها وَأَضَع

أَقودُ وَطفاءَ الزَمَع (٣) ... كَأَنَّها شاةٌ صَدَع

ثم قال مالك للناس: إذا رأيتموهم فأكسروا جفون سيوفكم، ثم شدوا شدة رجل واحد (٤).


(١) الحدُّ: النشاط والسرعة والمضاء في الأمور.
(٢) أي: أنهما ضعيفان في العرب بمنزلة الجذع في سنة.
(٣) الجذع: الشاب، والوطفاء: طويلة الشعر، والزمع: الشعر فوق مربط قيد الدابة، يريد فرسًا صفتها هكذا، وهو محمود في وصف الخيل.
(٤) "سيرة ابن هشام" ٤/ ٣٥ - ٣٧ باختصار يسير.

<<  <   >  >>