للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اِنْحَطَّ بِهِمْ الْوَادِي فِي عِمَايَةِ الصُّبْح (١)، وقد أعجبت بعض المسلمين كثرتهم، فحمل المسلمون على المشركين في أول المعركة فهزموهم، وفرَّ المشركون من الميدان، فانكبَّ المسلمون على الغنائم يجمعونها، فاستقبلهم رماة المشركين بِالسِّهَامِ (٢)، فَثَارَتْ في وُجُوه المسلمين الْخَيْل، فَشَدَّتْ عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاس مُنْهَزِمِينَ، لا يُقْبِل أَحَد على أحد (٣)، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَته البَيْضَاءَ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، والعَبَّاس آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَته، يكُفُّهَا عن الجري، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيْ عَبَّاسُ نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ (٤) "، قَالَ عَبَّاسٌ - وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا-: فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَالَ: فَوَاللهِ لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيْكَ، قَالَ: فَاقْتَتَلُوا وَالْكُفَّارَ، وَالدَّعْوَةُ في الْأَنْصَارِ، يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: ثُمَّ قُصِرَتْ الدَّعْوَةُ عَلَى بني الْحَارِثِ بن الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بني الْحَارِثِ بن الخَزْرَجِ، يَا بني الْحَارِثِ بن الْخَزْرَجِ (٥)، وكان الذين ثبتوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر لا يتعدون المائة (٦)، منهم رهط من أهله، علىُّ بن أبي طالب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وأخوه ربيعة، والفضل بن العباس- وقيل: الفضيل بن أبي سفيان-، وأيمن بن أم


(١) إسناده حسن: أخرجه أحمد ٣/ ٣٧٦ بإسناد حسن.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٣١٧)، كتاب: المغازي، باب: قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ...} ومسلم (١٧٧٦)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة حنين.
(٣) التخريج قبل السابق.
(٤) أصحاب السَّمُرَةِ: هم أصحاب البيعة تحت الشجرة, وكانت شجرة سمر.
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٧٥)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة حنين.
(٦) صحيح الإسناد: أخرجه الترمذي (١٦٨٩)، كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الثبات عند القتال، وصحح إسناده الألباني رحمه الله.

<<  <   >  >>