للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الْخَبَرَ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيرًا"، وَدَعَا لَهُ بِخَيرِ (١).

ولما وصلوا إلى تبوك حدث أيضًا ما يرويه مُعَاذ بن جَبَلٍ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: "إِنكُمْ سَتَاْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ الله عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنكم لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ"، فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَئءٍ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيئًا؟ "، قَالَا: نَعَمْ، فَسَبَّهُمَا النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ لَهُمَا: "مَا شَاءَ الله أَنْ يَقُولَ"، ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ في شَئءٍ، وَغَسَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا، فَجَرَتْ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ -أَوْ قَالَ: غَزِيرٍ- حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قَالَ: "يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَا هُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا" (٢).

وأَقَامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا (٣)، فلم يلق كيدًا؛ حيث خافه ملكُ بني الأصفر والقبائل العربية المتنصّرة، فلم يحضروا.

فقفل النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه راجعًا إلى المدينة، بعد ما عرف الجميع قوة الجيش الإسلامي التي ظنوا أنها ستضعف بعد مؤتة، فوجودوها قد ازدادت قوة وصلابة، حتى إنهم قد خافوا الخروج إليهم.

وصدق رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قام من الليل يصلي -وهو في تَبُوكِ- فَاجْتَمَعَ


(١) "سيرة ابن هشام" من رواية ابن إسحاق بلا سند، وله شاهد من حديث كعب بن مالك الطويل في "الصحيحين".
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٧٠٦)، كتاب الفضائل، باب: في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (١٤٧٠٢)، بإسناد رجاله ثقات.

<<  <   >  >>