ويرد على هذا الحديث إشكالان: الأول: في قول ابن مسعود: فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعه الله بعمه. وظاهر هذا أن ابن مسعود ينفي تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - للإيذاء، وهذا ليس مراد ابن مسعود - رضي الله عنه - بلا شك، وإلا فقد أوذي النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت ذلك في الأحاديث التي رواها ابن مسعود نفسه، إذًا فمراد ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُحبس ولم يُسجن كبقية المستضعفين وذلك لحماية عمه له. والله أعلم. والثاني: قول ابن مسعود: فما منهم من أحد إلا وقد أتاهم على ما أرادوا إلا بلالاً. فظاهر هذا أن الصحابة رضوان الله عليهم قد رجعوا عن دين الإِسلام إلى الكفر مرة أخرى، وهذا أيضًا ليس مراد ابن مسعود بلا شك, لأن هؤلاء الصحابة الذين ذكرهم لم يرتد منهم أحد بل ظلوا - رضي الله عنهم - أعمدة للإسلام وحماة له حتى وفاتهم - رضي الله عنهم - إذًا فمراد ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه ما منهم من أحد إلا وقد أخذ برخصة الله تعالى مع ثبوت الإيمان في قلبه.