للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدها: أنه لم يكن قبل خلق آدم صورة مخلوقة خلق آدم عليها، فقول القائل: على صورة مخلوقة لله -وليس هناك إلا صورة آدم- بمنزلة قوله: على صورة آدم، وقد تقدم إبطال هذا من وجوه كثيرة.

الوجه الثاني: أن إضافة المخلوق جاءت في الأعيان القائمة بنفسها كالناقة والبيت والأرض والفطرة التي هي المفطورة، فأما الصفات القائمة بغيرها مثل العلم والقدرة والكلام والمشيئة، إذا أضيفت كانت إضافة صفة إلى موصوف، وهذا هو الفرق بين الأمرين، وإلا التبست الإضافة التي هي إضافة صفة إلى موصوف، والتي هي إضافة مملوك ومخلوق إلى المالك والخالق، وذلك هو ظاهر الخطاب في الموضعين، لأن الأعيان القائمة بنفسها قد علم المخاطبون أنها لا تكون قائمة بذات الله، فيعلمون أنها ليست إضافة صفة، وأما الصفات القائمة بغيرها فيعلمون أنه لا بد لها من موصوف تقوم به وتضاف إليه، فإذا أضيفت علم أنها أضيفت إلى الموصوف التي هي قائمة به، وإذا كان كذلك فالصورة قائمة بالشيء المصور، فصورة الله كوجه الله ويد الله وعلم الله وقدرة الله ومشيئة الله وكلام الله، يمتنع أن تقوم بغيره.

الوجه الثالث: أن سائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله خلق ذلك جميعه، فينبغي أن يضاف سائر الأعضاء إلى الله بهذا الاعتبار، حتى يقال: يد الله ووجه الله وقدمه ونحو ذلك، لأن الله قد خلقها؟ ! .

الوجه الرابع: أن قوله: (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته)، لو كانت الإضافة فيه إضافة خلق وملك لوجب ألا يضرب شيء من الأعضاء، لأن إضافته إلى خلق الله وملكه كإضافة الوجه سواء.

الوجه الخامس: أن هذا الوجه المضروب هو في كونه مخلوقًا مملوكًا لله، بمنزلة الصورة المملوكة لله، فلو كان قد نهي عن ضرب

<<  <   >  >>