وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو ممن يرجح القول الثالث- إلى أمور تجب مراعاتها في هذه المسألة وهي: ١ - أن الرؤية أنواع متباينة تباينًا عظيمًا لا يكاد ينضبط طرفاها، وبناءً عليه، فإن هذا النوع من الرؤية الذي هو عام للخلائق كلهم، قد يكون ضعيفًا، فلا يكون من جنس الرؤية التي يختص بها المؤمنون. ٢ - أنه ليس لأحد أن يطلق القول: بأن الكفار يرون ربهم من غير تقييد، وذلك لأمرين: أحدهما: أن الرؤية المطلقة قد صار يفهم منها الكرامة والثواب، وفي إطلاقها على الكفار إيهام وإيحاش، وليس لأحد أن يطلق لفظًا يوهم خلاف الحق، إلا أن يكون مأثورًا عن السلف، وهذا اللفظ ليس مأثورًا. والثاني: أن الحكم إذا كان عامًا، وفي تخصيص بعضه باللفظ خروج عن القول الجميل فإنه يمنع من التخصيص، فإن الله خالق كل شيء ومريد لكل حادث، ومع هذا يمنع الإنسان أن يخص ما يستقذر من المخلوقات، وما يستقبحه الشرع من الحوادث، بأن يقول على الانفراد: يا خالق الكلاب، ويا مريدًا للزنا، ونحو ذلك. [انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٣ - ٥٠٤)]. ٣ - أن الخلاف في هذه المسألة لا يوجب نزاعًا أو فرقة أو مقاطعةً، لأنها مسألة خفيفة، فليست هي من المهمات التي ينبغي كثرة الحديث عنها، ومفاتحة عوام المسلمين فيها، مما قد يوجب تفرق القلوب وتشتت الأهواء، بخلاف اعتقاد رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، فإن هذا فرض واجب لازم كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة. [انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٤٥٨، ٥٠٢، ٥٠٤)].