للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثانية: وهي التي جاءهم فيها في غير صورته التي رأوه فيها أول مرة (١)، وهي المرادة بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون)، وقد أنكروا هذه الصورة لأنها مغايرة للصورة الأولى، فهي أدنى منها كما في رواية: (أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها)، وقد فعل الله تعالى ذلك امتحانًا لهم، فلما أنكروه عرَّفهم نفسه بالآية التي يعرفون، وهي الساق، فإنه لما كشفه خَرُّوا له سجدًا.

وأما الثالثة: فهي التي تحول فيها من الصورة السابقة إلى الصورة التي رأوه فيها أول مرة، وذلك حال سجودهم كما في رواية مسلم: (فيرفعون رؤسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة)، وهي المرادة بقوله -صلى الله عليه وسلم- -في حديث أبي هريرة-: (فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون ... ).

وقد ذهب بعض أهل العلم والحديث كأبي عاصم النبيل (٢)، والدارمي (٣)، عليهما رحمة الله إلى تأويل هذا الحديث وصرفه عن ظاهره:


(١) وجاء عند ابن خزيمة (١/ ٢١٥ - ٢١٦) ح (١٢٣) ما يدل على أن هذه الرؤية تكون مرتين متتاليتين.
(٢) هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم، الإمام الحافظ، شيخ المحدثين الأثبات، كان واسع العلم، ولم يُرَ في يده كتاب قط، حدَّث عن جماعة من التابعين، وحدث عنه خلق كثير، منهم البخاري رحمه الله، وهو أجل شيوخه وأكبرهم، توفي رحمه الله سنة اثنتي عشرة ومائتين (٢١٢)، وقيل غير ذلك. [انظر: السير (٩/ ٤٨٠)، والعبر (١/ ٢٨٥)، وتذكرة الحفاظ (١/ ٣٦٦)، وتقريب التهذيب (١/ ٤٤٤)، وشذرات الذهب (٢/ ٢٨)].
(٣) هو أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد السجستاني، الحافظ الإمام الحجة صاحب التصانيف، أكثر من الترحال والتطواف في طلب الحديث، أخذ علم الحديث وعلله على علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل، وفاق أهل زمانه وكان لهاجًا بالسنة بصيرًا بالمناظرة جذعًا في أعين المبتدعة، توفي رحمه الله سنة (٢٨٠ هـ) له مصنفات منها: النقض على المريسي، وكتاب الرد على الجهمية. [انظر: تذكرة الحفاظ (٢/ ٦٢١)، والسير (١٣/ ٣١٩)، وشذرات الذهب (٢/ ١٧٦)] ..

<<  <   >  >>