للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل أن يخلقني) قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: (فحج آدم موسى) (١).

٤ - طريق طاووس، ولفظه: عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: (احتج آدم وموسى فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا (٢) وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده: أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنةً (٣)؟ فحج آدم موسى،


(١) متفق عليه: البخاري: كتاب التفسير، باب: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (٤/ ١٧٦٤) ح (٤٤٦١)، ومسلم: كتاب القدر، باب: حجاج آدم وموسى -عليه السلام- (١٦/ ٤٤١) ح (٢٦٥٢).
(٢) أي: كنت سببًا في حرماننا. انظر: الفتح (١١/ ٥٠٨).
(٣) اختلف أهل العلم في وقت هذه الكتابة، لأنه قد ثبت في صحيح مسلم (١٦/ ٤٤٢) ح (٢٦٥٣) أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).
- فذهب ابن الجوزي إلى أن المعلومات كلها قد أحاط بها علم الله القديم قبل وجود المخلوقات كلها، ولكن كتابتها وقعت في أوقات متفاوتة، فيجوز أن تكون قصة آدم بخصوصها كتبت قبل خلفه بأربعين سنة، ويجوز أن تكون هذه المدة -الأربعون سنةً- هي مدة لبثه طينًا إلى أن نفخت فيه الروح، فإنه قد رُوي أن ما بين تصويره ونفخ الروح فيه كان مدة أربعين سنة، ولا يخالف ذلك كتابة المقادير عمومًا قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. [انظر: كشف المشكل (٣/ ٣٨٣)، وفتح الباري (١١/ ٥٠٨)].
وقال ابن القيم في شفاء العليل (١/ ٤٦): "هذا التقدير بعد التقدير الأول السابق بخلق السموات بخمسين ألف سنة"، يعني: وهو داخل في التقدير الأول لم يخرج عنه. [انظر: شفاء العليل (١/ ٧٣)].
- وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالأربعين سنة، ما بين قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} إلى نفخ الروح في آدم. [انظر: فتح الباري (١١/ ٥٠٨)، ومعالم السنن للخطابي (٤/ ٢٩٧)].
- وقال المازري: الأشبه أنه أراد بقوله: (قبل أن يخلقني بأربعين سنة) أي: كتبه في التوراة، ألا تراه يقول في بعض طرقه: (فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عامًا، قال آدم: فهل وجدت فيها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}؟ قال: نعم، قال: أفتلومني على أن عملت عملًا كتبه الله علي أن أعمله =

<<  <   >  >>