ثم على هذا القول، كيف يفسر قوله -صلى الله عليه وسلم- (نحن أحق بالشك من إبراهيم)؟ أيكون تفسيره ومعناه: نحن أحق بالشك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى من إبراهيم؟ ! سبحانك هذا بهتان عظيم.
- وأما استدلال الطبري بحديث:(نحن أحق بالشك من إبراهيم) فقد تقدم الكلام على معناه -قريبًا- بما يغني عن إعادته.
* * *
معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ويرحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد).
أشار -صلى الله عليه وسلم- بهذا إلى قول لوط -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لقومه:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}[هود: ٨٠].
قال أهل التفسير (١): أراد لوط -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بقوله:{أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أي: قبيلة قوية مانعة، لمنعتكم من الوصول إلى أضيافي، وذلك أن الملائكة لما جاءت لوطًا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- في صورة شباب حِسان، في غاية الجمال والكمال -وهو لا يدري أنهم ملائكة- {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}[هود: ٧٨]، أي: شديد حرجه، لأنه يعلم أن قومه لا يتركونهم، فكان ما خشي، حيث جاءه قومه {يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ}[هود: ٧٨]، أي: مسرعين مبادرين، يريدون أضيافه بعملهم الخبيث، فاشتد قلق لوط -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وخوفه على أضيافه، فقال:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أي: قبيلة مانعة لمنعتكم، وعندها أخبرته الملائكة بحالهم، ليطمئن قلبه {قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}[هود: ٨١].
قال ابن حجر: "يُقال: إن قوم لوط لم يكن فيهم أحد يجتمع معه في نسبه، لأنهم من سدوم، وهي من الشام، وكان أصل إبراهيم ولوط من العراق، فلما هاجر إبراهيم إلى الشام، هاجر معه لوط، فبعث الله لوطًا إلى
(١) انظر: جامع البيان (٧/ ٧٩ - ٨٧)، والمحرر الوجيز (٩/ ١٩٥ - ١٩٨)، ومعالم التنزيل (٢/ ٣٩٤ - ٣٩٦)، والجامع لأحكام القرآن (٩/ ٧٣ - ٧٩)، وتفسير القرآن العظيم (٢/ ٧٠١ - ٧٠٢)، وفتح القدير (٢/ ٥١٣ - ٥١٥)، وتيسير الكريم الرحمن (٣/ ٤٤٤ - ٤٤٥).