الرابع: أن الكهانة والسحر، يناله الإنسان بتعلمه وسعيه واكتسابه، وهذا مجرب عند الناس، بخلاف النبوة فإنه لا ينالها أحد باكتسابه.
الخامس: أن النبوة لو قدر أنها تنال بالكسب، فإنما تنال بالأعمال الصالحة، والصدق والعدل والتوحيد، لا تحصل مع الكذب على من دون الله، فضلًا عن أن تحصل مع الكذب على الله، فالطريق الذي تحصل به، لو حصلت بالكسب، مستلزم للصدق على الله فيما يخبر به.
السادس: أن ما يأتي به الكهان والسحرة، لا يخرج عن كونه مقدورًا للجن والإنس، وهم مأمورون بطاعة الرسل، وآيات الرسل لا يقدر عليها لا جن ولا إنس، بل هي خارقة لعادة كل من أرسل النبي إليه {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} [الإسراء: ٨٨].
السابع: أن هذه يمكن أن تعارض بمثلها، وآيات الأنبياء لا يمكن أحدًا أن يعارضها بمثلها.
الثامن: أن تلك ليست خارقة لعادات بني آدم، بل كل ضرب منها معتاد لطائفة غير الأنبياء، وأما آيات الأنبياء فليست معتادة لغير الصادقين على الله ولمن صدقهم.
التاسع: أن هذه لا يقدر عليها مخلوق، لا الملائكة ولا غيرهم، كإنزال القرآن، وتكليم موسى، وتلك تقدر عليها الجن والشياطين.
العاشر: أنه إذا كان من الآيات ما يقدر عليه الملائكة، فإن الملائكة
= الأنبياء ليست معتادة لغير الذين يصدقون على الله، ويصدقون من صدق على الله، وهم الذين جاؤوا بالصدق وصدقوا، وتلك معتادة لمن يفتري الكذب على الله، أو يكذب بالحق لما جاءه، فتلك آيات على كذب أصحابها، وآيات الأنبياء آيات على صدق أصحابها" [النبوات (٢/ ١٠٨٣)، وانظر: (٢/ ١٠٧٥)].