للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا سهوًا أو غلطًا" (١).

وقال ابن تيمية: "الأنبياء صلوات الله عليهم، معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه، وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة، ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه وقال: "والعصمة فيما يبلغونه عن الله، ثابتة، فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين" (٢).

وأما بالنسبة إلى الأعراض البشرية، كأنواع الأمراض والآلام، ونحو ذلك، فالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر، لأنهم بشر كما قال تعالى عنهم: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: ١١]، فليس من العصمة عدم ابتلائهم وتعرضهم للأضرار البدنية، بل هم أشد الناس بلاءً، كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: أي الناس أشد بلاءً؟ قال: (الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل ... ) (٣).

والسحر الذي تعرض له الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأثر عليه إنما كان ضرره جسديًا، وجاء في بعض الروايات تعيين نوع هذا التأثير، وهو كونه يُخيل إليه أنه يأتي النساء، وهو لم يأتِهن (٤)، فتأثير السحر عليه لا يتجاوز هذه الرواية، مع كونه عليه الصلاة والسلام يتيقن عدم الفعل، ولهذا دعا اللهَ تعالى أن يشفيه مما يجد من هذا الشعور.


(١) الشفاء (٣٣٠)، وانظر: (٣٧١).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٨٩، ٢٩٠)، وانظر: (١٥/ ١٤٧ - ١٤٨)، ومنهاج السنة (١/ ٤٧٠)، و (٢/ ٣٩٦)، والجواب الصحيح (١/ ١٤١)، وأضواء البيان (٤/ ٥١٠)، وتيسير الكريم الرحمن (٦/ ٤٢٣).
(٣) أخرجه الترمذي (تحفة ٧/ ٧٨) ح (٢٥٠٩)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه (٢/ ١٣٣٤) ح (٤٠٢٣)، وأحمد (٣/ ١٤٨١)، وقال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وقال عنه الألباني، كما في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٨٦) ح (١٩٥٦): "حسن صحيح".
(٤) انظر: حديث عائشة -رضي الله عنها- ص (٤٢٦ - ٤٢٧).

<<  <   >  >>