للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محشوًا إيمانًا وحكمةً، فحشا به صدره ولَغَادِيْدُه -يعني: عروق حلقه- ثم أطبقه، ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فضرب بابًا من أبوابها فناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد، قال: وقد بعث؟ قال: نعم، قالوا: فمرحبًا به وأهلًا، فيستبشر به أهل السماء، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم، فوجد في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل: هذا أبوك فسلم عليه، فسلم عليه، ورد عليه آدم وقال: مرحبًا وأهلًا بابني، نِعْم الابن أنت، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يَطَّرِدان، فقال: (ما هذان النهران يا جبريل؟ ) قال: هذا النيل والفرات عُنْصُرُهُمَا (١)، ثم مضى به في السماء، فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزَبَرْجَد، فضرب يده فإذا هو (٢) مسك أَذْفَر، قال: (ما هذا يا جبريل؟ ) قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك، ثم عرج به إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى: من هذا؟ قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قالوا: مرحبًا به وأهلًا، ثم عرج به إلى السماء الثالثة، وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية، ثم عرج به إلى الرابعة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك، كل سماء فيها أنبياء قد سمَّاهم، فَوَعَيْت منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه، وإبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، فقال موسى: رب لم أظن أن ترفع علي


= ذهب، فيه تور من ذهب): "ظاهره المغايرة بينهما، ويحتمل الترادف، وكأن الطست أكبر من التور"، وانظر ص (٥١٠) من هذا البحث.
(١) العنصر هو: الأصل. [انظر: المجموع المغيث (٢/ ٥١١)، والنهاية في غريب الحديث (٣/ ٣٠٩)، والفتح (١٣/ ٤٨٢)].
(٢) قال في الفتح (١٣/ ٤٨٢): " (فضرب يده) أي: في النهر (فإذا هو) أي: طينه".

<<  <   >  >>