للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن استنكر هذه اللفظة أيضًا ابن حزم (١) وهو ظاهر كلام ابن رجب، فإنه لما ذكر هذا الجزء من الحديث قال: "قد تفرد شريك بهذه الألفاظ في هذا الحديث، وهي مما أنكرت عليه فيه" (٢).

ويلاحظ أن منطلق الخطابي في استنكار هذه اللفظة: اعتقاده أن فيها تشبيهًا للخالق بالمخلوق، ولا ريب أن هذا منطلق فاسد، لا يجوز أن ترد بمثله الأحاديث الصحيحة، فإن هذا شأن أهل التعطيل الذين يردون النصوص الثابتة أو يؤولونها لمجرد توهم التشبيه.

والحق الذي لا يجوز العدول عنه: ما عليه أهل السنة والجماعة من إثبات ما تضمنته النصوص الصحيحة من الصفات لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، ولا تأويل.

وقد ذهب بعض السلف إلى القول: بما تضمنه هذا الحديث من إثبات صفة الدنو والتدلي لله تعالى، وممن ذهب إلى هذا ابن خزيمة (٣) وابن القيم وابن أبي العز (٤) ومحمد خليل هراس (٥):

قال ابن القيم: "فأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء، فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك وتدليه" (٦).

وأما ابن كثير فقد أثبت ذلك في كتابه الفصول، حيث قال: "ودنا الجبار، رب العزة فتدلى، كما يشاء على ما ورد في الحديث" (٧).

وأما في كتابه البداية والنهاية فقد جوَّز أن يكون ذلك من فهم الراوي، فقال: "فأما قول شريك عن أنس في حديث الإسراء: (ثم دنا


(١) انظر: كشف المشكل (٣/ ٢١٢)، وفتح الباري (١٣/ ٤٨٤ - ٤٨٥).
(٢) فتح الباري (٢/ ٣١٨).
(٣) انظر: التوحيد (٢/ ٥٢١).
(٤) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢٧٦).
(٥) انظر: تعليقه على كتاب التوحيد لابن خزيمة (١٤٠، ٢١٣).
(٦) زاد المعاد (٣/ ٣٨)، وانظر: نونيته بشرح ابن عيسى (١/ ٤٠٨، ٤١٠).
(٧) الفصول في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- (٢٦٧).

<<  <   >  >>