للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الأشرار في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء) (١)، فلكون الساعة تقوم في الأكثر والأغلب عليهم.

وإلى هذا ذهب ابن بطال، وذكره ابن الجوزي وجهًا آخر في الجمع (٢).

قال ابن بطال: "قوله عليه السلام: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء)، فإنه وإن كان لفظه العموم فالمراد به الخصوص، ومعناه: أن الساعة تقوم في الأكثر والأغلب على شرار الناس، بدليل قوله عليه السلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرها من ناوأها حتى تقوم الساعة)، فدلَّ هذا الخبر أن الساعة تقوم أيضًا على قوم فضلاء، وأنهم في صبرهم على دينهم كالقابض على الجمر" (٣).

القول الثالث: أن هذه الأحاديث خرجت مخرج العموم، والمراد بها الخصوص، وذلك أن شرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة يكونون بموضع مخصوص، والطائفة التي تقاتل على الحق لا يضرهم من خالفهم يكونون بموضع آخر، فتنزل هذه الأحاديث على أنها في موضع دون موضع.

وإلى هذا ذهب الطبري رحمه الله حيث قال: لا معارضة بينهما بحمد الله، بل يحقق بعضها بعضًا، وذلك أن هذه الأحاديث خرج لفظها على العموم والمراد منها الخصوص، ومعناه: لا تقوم الساعة على أحد يوحد الله إلا بموضع كذا فإن به طائفة على الحق، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس بموضع كذا (٤)، ثم استدل بما رواه بسنده عن أبي أُمامة الباهلي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-


(١) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه من حيث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وهذا لفظ البخاري.
(٢) انظر: كشف المشكل (٤/ ١٤٢).
(٣) شرح صحيح البخاري (١٠/ ١٣ - ١٤)، وانظر: (١٠/ ٦٠)، والفتح (١٣/ ١٩، ٧٦ - ٧٧).
(٤) انظر: تهذيب الآثار (٢/ ٨٣٣ - ٨٣٥)، وشرح صحيح البخاري لابن بطال =

<<  <   >  >>