للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة (١) منها:

١ - حديث عائشة -رضي الله عنها- وهو حديث المسألة -قالت: دُعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه، قال: (أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم).

فقالوا: هذا الحديث صحيح صريح في التوقف فيهم، فإن الصبي كان من أولاد المسلمين (٢).

٢ - حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وما في معناه -في كتابة ما قدر للعبد وهو في بطن أمه، حيث قال -صلى الله عليه وسلم- في آخره: (ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح)، متفق عليه (٣).

"وجه الدلالة من ذلك: أن جميع من يولد من بني آدم، إذا كُتب السعداء منهم والأشقياء قبل أن يخلقوا، وجب علينا التوقف في جميعهم، لأنا لا نعلم هذا الذي توفي منهم هل هو ممن كتب سعيدًا في بطن أمه أو كتب شقيًا" (٤).

٣ - حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له: يا رسول الله،


= في ذلك نزاعًا، وجعل القول بالمشيئة فيهم قولًا شاذًا مهجورًا، ونسبه في الباب الآخر إلى الحمادين وابن المبارك وإسحاق بن راهويه، وأكثر أصحاب مالك، وهذا من السهو الذي هو عرضة للإنسان، ورب العالمين هو الذي لا يضل ولا ينسى" أحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٨٣ - ١٠٨٥).
(١) انظر: التمهيد (١٨/ ٩٨ - ١١١)، والاستذكار (٨/ ٣٩٠ - ٣٩٣)، والفصل (٢/ ٣٨٤)، وأحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٧١ - ١٠٧٨، ١٠٧٢).
(٢) انظر: أحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٧٢).
(٣) البخاري (٣/ ١١٧٤) ح (٣٠٣٦)، ومسلم (١٦/ ٤٢٩) ح (٢٦٤٣).
(٤) أحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٧٢).

<<  <   >  >>