للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: (الله أعلم بما كانوا عاملين)، متفق عليه (١).

قالوا في وجه الدلالة من هذا الحديث: إنهم لم يخصوا بالسؤال طفلًا من طفل، كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يخص بالجواب، بل أطلق الجواب كما أطلقوا السؤال، ولو افترق الحال في الأطفال لفصَّل وفرق بينهم في الجواب (٢).

القول الثالث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر على عائشة -رضي الله عنها-، لأنها قطعت لطفل معين بالجنة، دون أن يكون عندها على ذلك دليل قاطع، فأطفال المؤمنين وإن كان حكمهم من حيث الجملة أنهم في الجنة، لكن لا يُشهد لمعين منهم بذلك، لأنه غيب، والطفل المؤمن تبع لأبويه، فالقطع له بذلك قطع بإيمان أبويه، وهذا ليس إليه سبيل، لأنه غيب، فكم من مظهر للإسلام وهو منافق (٣).

وإلى هذا ذهب البيهقي، والمازري (٤)، وابن الجوزي (٥)، وابن تيمية (٦)، وابن القيم، ومحمد بن عبد الوهاب (٧)، وابن باز، عليهم رحمة الله جميعًا.

قال البيهقي بعدما قرر أنه لا يجوز القطع لمعين من المؤمنين أنه في الجنة، وإن كنا نحكم عليهم من حيث العموم أنهم في الجنة قال: "فكذلك قطع القول به في واحد من المولودين غير ممكن، لعدم علمنا بما يؤول إليه


(١) البخاري (٦/ ٢٤٣٤) ح (٦٢٢٦)، ومسلم (١٦/ ٤٤٩) ح (٢٦٥٨).
(٢) انظر: التمهيد (١٨/ ٩٩)، والتذكرة (٢/ ٣١٨)، وأحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٧٨).
(٣) انظر: التذكرة (٢/ ٣١٨)، وشرح النووي على مسلم (١٦٤٤٧)، وأحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٧٧)، وتهذيب السنن (عون ١٢/ ٣١٩)، والفتح (٣/ ٢٤٤).
(٤) انظر: المعلم (٣/ ١٨٠ - ١٨١).
(٥) انظر: كشف المشكل (٤/ ٤١٩).
(٦) انظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٢٨١).
(٧) انظر: مجموع مؤلفاته، المجلد الثاني، هذه مسائل (٥).

<<  <   >  >>