للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل على أن هؤلاء المرتدين قلَّة: قوله -صلى الله عليه وسلم- كما في بعض روايات الحديث: (فأقول: يا رب أُصَيْحَابي) بالتصغير، أراد بذلك تقليل العدد.

قال الخطابي: "إنما صغَّر ليدل بذلك على قلة عدد من هذا وصفه" (١).

وأما الدليل على أن المذادين عن الحوض بعض من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن الردة المذكورة هي الردة عن الإسلام: فظاهر الروايات المتقدمة، والتي منها:

- قوله -صلى الله عليه وسلم-، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (وإن أُناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ}، -إلى قوله- {الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٧، ١١٨، ]، متفق عليه.

قال النووي: "هذه الرواية تؤيد قول من قال ... المراد به الذين ارتدوا عن الإسلام" (٢).

- وكذا تلاوته الآية في الحديث المتقدم دليل على دخول بعض من رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوعيد.

قال القاضي عياض: "وفيها حجة على صحة تأويل من ذهب إلى أن الحديث فيمن ارتد بعد النبي -عليه السلام- ممن رآه، لتلاوته هذه الآية، ولقوله: (لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم) " (٣).

- وكذا قوله في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كما عند مسلم: (ولَيُصَدَّنَّ عني طائفة منكم)، فقوله: (منكم) صريح في كون المذادين عن الحوض بعض


(١) أعلام الحديث (٣/ ١٥٣٦)، وانظر: تأويل مختلف الحديث (٢١٨)، والفتح (١١/ ٣٨٥).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٧/ ٢٠٠).
(٣) إكمال المعلم (٨/ ٣٩١).

<<  <   >  >>