للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا سيما وقد قال في بقية الحديث: (فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي).

- وقوله في حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-: (ليَرِدَنَّ علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم) (١)، متفق عليه.

- وقوله في حديث أنس -رضي الله عنه- -كما عند البخاري ومسلم-: (لَيَرِدَنَّ عَليَّ الحوضَ رجال ممن صاحبني)، وهذه الرواية صريحة في المراد، ولذا قال القاضي عياض عن هذا اللفظ: إنه "يدل على صحة تأويل من تأول أنهم أهل الردة، ولذلك قال -عليه السلام- فيهم: (سحقًا سحقًا) والنبي -عليه السلام- لا يقول ذلك في مذنبي أمته، بل يشفع لهم ويهتم بأمرهم، ويضرع إلى الله تعالى في رحمتهم والعفو عنهم" (٢).

ويشهد لهذا ما أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليردنَّ عليَّ الحوض رجال ممن صحبني ورآني، حتى إذا رُفعوا إليَّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولن: رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) (٣).

قال ابن قتيبة ردًا على احتجاج الرافضة بهذه الأحاديث على كفر الصحابة كلهم وارتدادهم، إلا عددًا قليلًا منهم، كعلي وأبي ذَرٍّ والمقداد وسلمان وعمار بن ياسر وحذيفة، -رضي الله عنهم- أجمعين، قال: "إنهم لو تدبروا الحديث، وفهموا ألفاظه، لاستدلوا على أنه لم يُرِدْ بذلك إلا القليل، يدلك على ذلك قوله: (ليردن علي الحوض أقوام)، ولو كان أرادهم جميعًا إلا من ذكروا لقال: "لتردُنَّ علي الحوض، ثم لتُختلجُن دوني ألا ترى أن القائل إذا قال: "أتاني اليوم أقوام من بني تميم، وأقوام من أهل الكوفة" فإنما يريد قليلًا من كثير؟ ولو أراد أنهم أتوه إلا نفرًا يسيرًا قال: "أتاني بنو


(١) انظر: إكمال المعلم (٢/ ٥٢).
(٢) إكمال المعلم (٧/ ٢٦٩).
(٣) المسند (٣٤/ ١٣٣) خ (٢٠٤٩٤)، و (٣٤/ ١٣٤) ح (٢٠٥٠٧).

<<  <   >  >>