للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما حديث عروة في أبي لهب وعتاقته ثويبه فقد ذكر الجواب عنه الحافظ ابن حجر فقال: "في الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، لكنه مخالف لظاهر القرآن، قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].

وأُجيب:

أولًا: بأن الخبر مرسل، أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به، وعلى تقدير أن يكون موصولًا فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه، ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد، فلا يحتج به.

وثانيًا: على تقدير القبول فيحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مخصوصًا من ذلك، بدليل قصة أبي طالب" (١).

تنبيه:

رُوي في معنى هذا القول -أعني القول الثاني- حديث ضعيف، وهو ما أخرجه الحاكم وغيره عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أحسنَ محسنٌ من مسلم ولا كافر إلا أثابه الله)، قال: فقلنا: يا رسول الله ما إثابة الله الكافر؟ قال: (إن كان قد وصل رحمًا أو تصدق بصدقةٍ أو عمل حسنةً، أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك)، قال: فقلنا: ما إثابته في الآخرة؟ فقال: (عذابًا دون عذاب) قال: وقرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] (٢).


(١) الفتح (٩/ ١٤٥)، وانظر: الجامع في شعب الإيمان (٢/ ٦٦ - ٦٧)، وإكمال المعلم (١/ ٥٩٦).
(٢) أخرجه الحاكم (٢/ ٢٧٨) ح (٣٠٠١)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي فقال: "عتبة واهٍ"، والبزار (كشف ١/ ٤٤٨)، والبيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٦٤) ح (٢٧٧)، وقال: "في إسناده من لا يحتج به"، وفي البعث (٦٢) ح (١٥)، وقال: "في إسناده نظر"، وأورده الهيثمي في المجمع (٣/ ١١١)، وقال: "رواه البزار، وفيه عتبة بن يقظان، وفيه كلام، وقد وثقه ابن حبان، =

<<  <   >  >>