للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعمر -رضي الله عنه- فهم من عموم الآية دخول أهل القليب فيه، فأشكل عليه مخاطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم، فبين له النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم يسمعونه، ولم ينكر عليه فهمه للآية (١).

قال ابن رجب: "وقد وافق عائشة على نفي سماع الموتى كلام الأحياء، طائفة من العلماء، ورجحه القاضي أبو يعلى من أصحابنا ... واحتجوا بما احتجت به عائشة، وبأنه يجوز أن يكون ذلك معجزة مختصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- دون غيره، وهو سماع الموتى كلامه" (٢).

- ومما استدلوا به أيضًا على عدم سماع الموتى، قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} [فاطر: ١٣، ١٤].

فقالوا: هذه الآية صريحة في نفي السمع عن أولئك الذين كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالى، وهم موتى الأولياء والصالحين، الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم، يعبدونهم فيها، وأخبر أن المعبودين يتبرؤؤن من عابديهم يوم القيامة، فإنهم محشورون جميعًا كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (١٨)} [الفرقان: ١٧، ١٨].

وقال أيضًا: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)} [سبأ: ٤٠، ٤١].


(١) انظر: الآيات البينات (٣١، ٦٨).
(٢) أهوال القبور (١٣٣).

<<  <   >  >>