وأما قولهم (أعني الشافعية) بعدم وجوب الزكاة في الورق المذكور إلا إذا قبضت قيمته ذهبا أو فضه ومضى على هذه القيمة حول كامل بحجة عدم الإيجاب والقبول بين الآخذوالمعطي، ففي هذا منافاة لما تقتضيه حكمة التشريع وضياع لحق الفقير، لأننا نجد البنوك مكدسة بالأوراق المالية وديعة للموسرين من الناس، وبعضهم يحفظها في خوانة بيته السنين الطوال ولا يصرف منها إلا لحاجته الوقتية، فلو قلنا بعدم الزكاة للعلة التي ذكروها لما وجبت الزكاة على أحد، وهذا غير معقول، فالذي أراه حقا وأدين الله عليه أن حكم الورق المالي كحكم النقدين في الزكاة سواء بسواء، لأنه يتعامل به كالنقدين تماما ولأنه مالكه يمكنه صرفه وقضاء مصالحه به في أي وقت شاء، فمن ملك النصاب من الورق المالي ومكث عنده حولا كاملا وجبت عليه زكاته باعتبار زكاة الفضة، لأن الذهب غير ميسور الآن ولا يمكنه صرف ورقة بقيمتها ذهبا، هذا ما ظهر لي والله أعلم بحقيقة الحال وإليه المرجع والمآل.