-[مذاهب العلماء فيمن تقبل شهادته في إثبات الفطر من رمضان]-
.....
الشريعة (قال الشوكاني) وحكى في البحر عن (الصادق وأبي حنيفة) وأحد قولي المؤيد بالله أنه يقبل الواحد في الغيم لاحتمال الهلال عن غيره لا الصحو فلا يقبل إلا جماعة لبعد خفائه (واختلف العلماء) أيضا في شهادة إثبات الفطر من رمضان برؤية هلال شوال هل يكتفي بشهادة واحد أو لابد من اثنين؟ (فذهب الجمهور والأئمة الأربعة) إلى أنه لابد من شهادة شاهدين في هلال شوال محتجين بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وحديث ربعي بن حراش وحديث أبي عمير وحديث أنس وكلها في المسند (قال النووي) لا تجوز شهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل أهـ (قلت) لم أقف على ما يؤيده في أحاديث الباب إلا الأثر المروى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر رضي الله عنه أمر الناس بالفطر لشهادة رجل أنه رأى هلال شوال. وهو ضعيف لا تقوم به حجة، والظاهر أنه جعل الخروج من الشهر كالدخول فيه، يثبت بشهادة رجل واحد لا فرق بينهما في ذلك، والجمهور إنما فرقوا بين هلال الفطر وهلال الصوم للتهمة التي تعرض للناس في هلال الفطر ولا تعرض في هلال الصوم، والاحتياط في العبادة يقضى وأن لا يخرج منها إلا بيقين، وخبر الواحد لا يفيده والله أعلم (قال الإمام) ابن رشد في بداية المجتهد ومذهب أبي بكر بن المنذر هو مذهب أبي ثور وأحسبه هو مذهب أهل الظاهر، وقد احتج أبو بكر بن المنذر لهذا بانعقاد الإجماع على وجوب الفطر والأمساك عن الأكل بقول واحد، فوجب أن يكون الأمر كذلك في دخول الشهر وخروجه إذ كلاهما علامة تفصل زمان الفطر من زمان الصوم أهـ (واختلفوا أيضًا) في شهادة العدل هل تقبل منه سواء أكان ذكراً أم أنثى حرًا أم عبدا أم لابد من الذكورة والحرية (فذهب الحنفية) إلى جواز شهادة العدل ولو عبدا أو أنثى في ثبوت رمضان إذا كان بالسماء غيم ونحوه، ولا يشترط لفظ الشهادة بخلاف هلال شوال فلابد أن يكون بشهادة عدلين حرين أو حر وحرتين بلفظ الشهادة (وقال الأمامان الشافعي وأحمد) يكفى في هلال رمضان مطلقا رؤية عدل واحد. قال الأمام أحمد ولو عبدا أو امرأة (وهو قول للشافعية) ومعتمد مذهبهم أنه لابد أن يكون حرًا ذكرًا بلفظ الشهادة ولا يثبت هلال غيره كشوال إلا بشهادة عدلين حرين عندهما (قال النووي) ومحل الخلاف ما لم يحكم بشهادة الواحد حاكم يراه وإلا وجب الصوم ولم ينقض الحكم إجماعا (وذهبت الماليكة) إلى أنه يشترط في ثبوت هلال رمضان رؤية عدلين ذكرين حرين بالغين أو يراه جماعة كثيرة يفيد خبرهم العلم ويؤمن تواطؤهم على الكذب، ولا يشترط في هذه الصورة أن يكونوا كلهم ذكورا أحرارا عدولا (واتفقوا) على وجوب الصوم على المنفرد برؤية