للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[مذهب الجمهور عدم وجوب تبييت النية من الليل في صوم التطوع]-

.....


(والحاصل) أن قوله لا صيام نكرة ف سياق النفي فيغم كل صيام ولا يخرج عنه إلا ما قام الدليل على أنه لا يشترط فيه التبييت، والظاهر أن النفي متوجه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الذات، أو متوجه إلى نفي الذات الشرعية فيصلح الحديث للاستدلال به على عدم صحة صوم من لا يبيت النية إلا ما خص كالصورة المتقدمة (يعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون الخ) والحديث أيضًا يرد على الزهري وعطاء وزفر لأنهم لم يوجبوا النية في صوم رمضان وهو يدل على وجوبها، ويدل أيضًا على الوجوب حديث "إنما الأعمال بالنيات" والظاهر وجوب تجديدها لكل يوم لأنه عبادة مستقلة مسقطة لفرض وقتها، وقد وهم من قاس أيام رمضان على أعمال الحج باعتبار التعدد للأفعال لأن الحج عمل واحد ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشارع من المناسك والأخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم أجزائه أهـ (وفي حديث عائشة الثاني من أحاديث الباب) دلالة لمن قال إنه لا يجب تبييت النية في صوم التطوع وهم الجمهور، ومنهم الأئمة (أبو حنيفة والشافعي وأحمد) وأجاب عنه الموجبون لتنييتها في الفرض والنفل بأنه صلى الله عليه وسلم قد كان نوى الصيام من الليل وإنما أراد الفطر لما ضعف عن الصوم، وهو محتمل. لاسيما على رواية "فلقد أصبحت صائما" ولو سلم عدم الاحتمال كان غايته تخصيص صوم التطوع من عموم قوله "فلا صيام" وهو ما ذهب إليه الجمهور (وفيه أيضًا) دلالة على أنه يجوز للمتطوع بالصوم أن يفطر ولا يلزمه الاستمرار على الصوم وإن كان أفضل بالاجماع، وظاهره أن من أفطر في التطوع لم يجب عليه القضاء، وإليه ذهب الجمهور (وقال أبو حنيفة ومالك والحسن البصري ومكحول والنخعي) إنه لا يجوز للمتطوع الأفطار ويلزمه القضاء إذا فعل واستدلوا على وجوب القضاء بما وقع في رواية للدارقطني والبيهقي من حديث عائشة بلفظ "واقضى يوما مكانه" ولكنهما قالا هذه الزيادة غير محفوظة، هذا (وحديث الربيع بنت معوذ) الثالث من أحاديث الباب مع زيادته التي رواها الشيخان وذكرناها في تخريج الحديث وهي قول الربيع (فكنا بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار منهم إلخ) يدل على أن صوم يوم عاشوراء كان فرضا قبل أن يفرض رمضان، وعلى أنه يستحب أمر الصبيان بالصوم للتمرين عليه إذا أطاقوه، وقد قال باستحباب ذلك جماعة من السلف منهم (ابن سيرين والزهري والشافعي) وغيرهم، واختلف الشافعية في تحديد السن التي يؤمر الصبي عندها بالصيام، فقيل سبع سنين. وقيل عشر (وبه قال الإمام أحمد) وقيل اثنتا عشرة سنة (وبه قال إسحاق) وقال الأوزاعي إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يضعف فيهن حمل على الصوم، والمشهور عن (المالكية) أن الصوم لا يشرع في حق الصبيان، والحديث يرده، لأنه يبعد كل البعد أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأخرج ابن خزيمة من

<<  <  ج: ص:  >  >>