-[مذاهب الأئمة فيما يجوز للمعتكف فعله وما لا يجوز له]-
.....
أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) جواز استخدام المعتكف زوجته في غسل رأسه ترجيل شعره ونحو ذلك (ومنها) جواز التنظيف والطيب والغسل والحلق والتزيين للمعتكف الحاقًا بالترجل، والجمهور على أنه لا يكره فيه إلا ما يكره في المسجد (قال الخطابي رحمه الله) فيه من الفقه "يعني حديث عائشة بطرقه" أن المعتكف ممنوع من الخروج من المسجد إلا لغائط أو بول (وفيه) أن ترجيل الشعر مباح للمعتكف، وفي معناه حلق الرأس وتقليم الأظفار وتنظيف الأبدان من الشعث والدرن (وفيه) أن بدن الحائض طاهر غير نجس "إلا موضع الدم" (وفيه) أن من حلف لا يدخل بيتًا فأدخل رأسه فيه وسائر بدنه خارج لم يحنث اهـ (قلت) واتفق العلماء على جواز دخول المعتكف بيته لحاجة الإنسان التي لابد منها كالبول والغائط وغسل الجنابة (واختلفوا في غيرها) كعيادة المريض وصلاة الجنازة والوضوء للصلاة (فقال أبو ثور) لا يخرج إلا لحاجة الوضوء الذي لابد منه لما في بعض طرق حديث عائشة عند الإمام أحمد "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إلا إذا أراد الوضوء" الخ وذهب الأئمة (الثوري والشافعي وأحمد في رواية عنه وإسحاق) إلى أنه يخرج لكل ذلك إن اشترطه في ابتداء اعتكافه سواء أكان واجبًا أم غير واجب؛ إلا أن اسحاق فرق بين الواجب كالاعتكاف المنذور وبين التطوع. فقال في الواجب لا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة. وفي التطوع يشترط ذلك حين يبتدئ (وقال الأوزاعي ومالك) لا يكون في الاعتكاف شرطًا (وقال أبو حنيفة وأصحابه) ليس ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد لحاجة ما خلا الجمعة والغائط والبول، فأما سوي ذلك من عيادة مريض وشهود جنازة فلا يخرج له، وهو قول (مالك وعطاء ومجاهد) "وقالت طائفة" للمعتكف أن يشهد الجمعة ويعود المريض ويشهد الجنازة، وروى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو قول سعيد بن جبير. والحسن البصري. والنخعي، (ولو اعتكف بغير الجامع الذي تقام فيه الجمعة) وحضرت الجمعة وجب عليه الخروج إليها بالإجماع، وهل يبطل اعتكافه أم لا؟ قال الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد) لا يبطل "وللشافعي" قولان (أصحهما) وهو المنصوص عنه في عامة كتبه يبطل إلا إن شرطه في اعتكافه (والثاني) وهو نصه في البويطي لا يبطل (واستدل بحديث عائشة) المذكور أول الزوائد على أنه لا يجوز للمعتكف مس امرأة ولا مباشرتها (والمراد بالمس هنا) الإفضاء بيده إلى امرأته بشهوة، أما بغير شهوة فلا بأس به لما تقدم في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إليها رأسه فتغسله وتسرحه. فإن كان بشهوة حرم عند الأئمة الأربعة وأفسد اعتكافه وإن لم ينزل عند مالك وهو قول للشافعي. وقال أبو حنيفة لا يفسد إلا إن أنزل، وهو مشهور