مذهب الشافعي (وقال عطاء) لا يبطل الاعتكاف بالمس مطلقًا أنزل أو لم ينزل، واختاره ابن المنذر والمحاملي وأبو الطيب. ولا يفسد اعتكافه أيضًا بنظر أو فكر وإن أنزل خلافًا للمالكية (والمراد بالمباشرة هنا) الجماع بقرينة ذكر المس قبلها. وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، ويؤيده ما روى الطبري وغيره من طريق قنادة في سبب نزول الآية يعني قوله تاعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) أنهم كانوا إذا اعتكفوا فخرج رجل فلقى امرأته جامعها إن شاء فنزلت، (واستدل بقوله في حديث عائشة المذكور) "ولا اعتكاف إلا بصوم" على أن الصيام شرط في صحة الاعتكاف وإلى ذلك ذهب ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال الأئمة (أبو حنيفة. ومالك. والأوزاعي. والثوري) إلا أنه عند أبي حنيفة شرط في الاعتكاف الواجب بالنذر فقط وماعداه ليس بشرط فيه (قال الحافظ ابن القم في الهدي) ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف مفطرًا قط، بل قد قالت عائشة رضي الله عنها لا اعتكاف إلا بصوم، ولم يذكر الله سبحانه وتعالى الاعتكاف إلا مع الصوم ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم، فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية اهـ (وذهب ابن مسعود والحسن البصري والشافعي وأحمد وإسحاق) إلى أن الصيام ليس بشرط، قالوا ويصح اعتكاف ساعة واحدة ولحظة واحدة، واستدلوا بما تقدم من أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال ومن جملتها يوم الفطر، ومعلوم أن يوم الفطر لا يجوز صومه. وبحديث عمر المذكور في الزوائد أنه نذر في الجاهلية اعتكاف ليلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فأوف بنذرك فاعتكف ليلة، ومعلوم أن الليل ليس ظرفًا للصوم. فلو كان شرطًا لأمره النبي صلى الله عليه وسلم به فدل على أنه لم يزد على نذره شيئًا وأن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له حد معين، وأجابوا عن حديث عائشة بأنه موقوف (قال الشوكاني) وهذا هو الحق لا كما قال ابن القيم أن الراجح الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف، قال وقد روى حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه" رواه الدارقطني، وقال رفعه أبو بكر السومي وغيره لا يرفعه، ورجح الدارقطني والبيهقي وقفه، وأخرجه الحاكم مرفوعًا وقال صحيح الأسناد، قال ويؤيد قول من قال بجواز الاعتكاف ساعة أو لحظة حديث (ومن اعتكف فواق ناقة فكأنما اعتق نسمة) رواه العقيلي في الضعفاء من حديث عائشة وأنس، قال في البدر المنير هذا حديث غريب لا أعرفه بعد البحث الشديد عنه، وقال الحافظ هو منكر ولكنه أخرجه الطبراني في الأوسط