للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[خلاصة الأقوال وكلام العلماء فى الحكمة فى إخفاء ليلة القدر وذكر علاماتها]-

.....


وفي هذا القدر كفاية والله أعلم (الخلاصة) خلاصة هذه الأقوال جميعها وأرجحها على التحقيق أن ليلة القدر هى الليلة التى نزل فيها القرآن، وأنها فى رمضان بنص كتاب الله، وثبت بالأحاديث الصحيحة أنها باقية إلى يوم القيامة وأنها فى العشر الأخير فى الوتر منه، وأنها تنتقل كما فهم من أحاديث الباب وأرجح أوتار العشر عند الشافعية ليلة احدى وعشرين على ما فى حديث أبى سعيد المذكور فى الفصل الخامس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين كما فى الفصل الثامن، والله أعلم (فائدة) قال العلماء الحكمة فى أخفاء ليلة القدر ليجتهد الناس فى طلبها ويجدُّوا فى العبادة فى الشهر كله طمعا فى إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة فى يوم الجمعة، وكما أخفى الأجل وقيام الساعة ليجدوا فى الأعمال الصالحة حذرا منها (واختلف العلماء) هل لليلة القدر علامة تظهر لمن وفقت له أم لا؟ فقيل يرى كل شئ ساجدا. وقيل يرى الأنوار فى كل مكان ساطعة حتى فى المواضع المظلمة، وقيل يسمع سلاما أو خطابا من الملائكة، وقيل علامتها استجابة دعاء من وفقت له، واختار الطبرى أن جميع ذلك غير لازم، لأنه لا يشترط لحصولها رؤية شئ ولا سماعه (واختلفوا أيضا) هل يحصل الثواب المترتب عليها لمن اتفق له أنه قامها وان لم يظهر له شئ. أو يتوقف ذلك على كشفها له؟ (والى الأول) ذهب الطبرى والمهلب وابن العربى وجماعة (والى الثانى) ذهب الأكثر، واستدلوا بما وقع عند مسلم من حديث أبى هريرة بلفظ (من يقم الليلة القدر فيوافقها) وفى حديث عبادة عند الإمام أحمد (من قامها إيمانا، واحتسابا ثم وفقت له) قال النووى معنى يوافقها أى يعلم أنها ليلة القدر فيوافقها، ويحتمل أن يكون المراد يوفقها فى نفس الأمر وان لم يعلم هو ذلك اهـ (قلت) وهذا الأخير هو الذى أختاره، وعليه فمن قام رمضان كله أو، العشر الأواخر منه إيمانا واحتسابا ينبغى ليلة القدر حصل له الثواب المترتب على قيامها وان لم يظهر له شئ من علامتها. لأنه لابد أن يوافقها فى نفس الأمر، لما ثبت أنها فى العشر الأواخر، ومن قاتها فوافقها برؤية شئ من علامتها حصل له ذلك أيضا والله أعلم، أما (حديث مسلم فلفظه) عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من يقم ليلة القدر فيوافقها أراه قال إيمانًا واحتسابا غفر له (ولفظ حديث الإمام أحمد) عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان، فالتمسوها فى العشر الأواخر فأنها فى وتر، فى إحدى وعشرين. أو ثلاث وعشرين. أو خمس وعشرين. أو سبع وعشرين. أو تسع وعشرين. أو فى آخر ليلة، فمن قامها ابتغاءها إيمانًا واحتسابًا ثم وفقت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
-----
(تم الجزء العاشر من كتاب الفتح الربانى مع شرحه)
-----
(بلوغ الأماني) مختتماً بهذين الحديثين الصحيحين المبشرين بالخير العظيم والفضل الجسيم (ويليه الجزء الحادي عشر) وأوله كتاب الحج والعمرة، نسأل الله الإعانة على التمام وحسن الختام آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>