الدَّواب كلُّهنَّ فاسقٌ يقتلن فى الحرم الكلب العقور
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقتل المحرم الحية والذئب ورجاله ثقات، وأخرج أحمد من طريق حجاج ابن رطأة عن وبرة عن ابن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الذئب للمحرم وحجاج ضعيف، وخالفه مسعر عن وبرة فرواه موقوفا أخرجه ابن أبى شيبة، فهذا جميع ما وقفت عليه فى الأحاديث المرفوعة زيادة على الخمس المشهورة ولا يخلو شئ من ذلك عن مقال والله أعلم اه (قلت) جميع الطرق التى جمعها الحافظ من مختلف كتب السنة جاءت عند الأمام أحمد فى هذا الباب إلا النمر، وهذا مما يدل على أن الأمام أحمد جمع فى مسنده ما لم يجمع غيره من المحدثين رحمه الله وأجزل له المثوبة وحضرنا فى زمرة العاملين المخلصين آمين (١) بتشديد الباء الموحدة جمع دابة، وهى ما دب من الحيوان من غير فرق بين الطير وغيره، ومن أخرج الطير من الدواب فهذا الحديث من جملة ما يرد به عليه (وقوله كلهن فاسق يقتلن) قيل فاسق صفة لكل. وفى يقتلن ضمير راجع إلى معنى كل، ووقع فى رواية أخرى عند الأمام أحمد من طريق سعيد بن المسيب بلفظ "خمس فواسق" وفى رواية لمسلم من هذا الوجه كلها فواسق (قال النووي) تسمية هذه الخمس فواسق تسمية صحيحة جارية على وفق اللغة، فان أصل الفسق لغة - الخروج - ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، فوصفت بذلك لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان فى تحريم قتله أو حل أكله أو خروجها بالأيذاء والأفساد (٢) جاءت هذه الرواية هكذا "يقتلن فى الحرم" ولم يذكر الحل، ومثلها عند الشيخين فى رواية الاقتصار على الحرم أيضا (قال النووى رحمه الله) اختلفوا فى ضبط الحرم هنا؛ فضبطه جماعة من المحققين بفتح الحاء والراء أى الحرم المشهور وهو حرمة مكة، والثانى بضم الحاء والراء، ولم يذكر القاضى عياض فى المشارق غيره، قال وهو جمع حرام كما قال الله تعالى {وأنتم حرم} قال والمراد به المواضع المحرمة. والفتح أظهر والله أعلم اه (قلت) أما الحل فهو ما كان خارجا عن الحرم والمواضع المحرمة، فاذا جاز قتلها فى الحرم فجوازه فى الحل من باب أولى، على أنه قد صرح بلفظ الحل والحرم فى بعض طرق حديث عائشة عند الشيخين والأمام أحمد وستأتى، والمعنى أن هذه الخمس يقتلن المحرم فى الحل والحرم بدون جزاء عليه، وقد صرح بلفظ المحرم فى الطرق الآتية أيضا (٣) اختلف فى المراد بالكلب العقور فروى سعيد بن منصور عن أبى هريرة بأسناد حسن كما قال الحافظ إنه الأسد، وعن زيد بن أسلم أنه قال وأى كلب أعقر من الحية، وقال زفر المراد به هنا الذئب خاصة، وقال فى الموطأ كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم