-[كلام العلماء فيمن وجب عليه قصاص وهل يقتص منه في الحرم؟]-
.....
وردت أخبار صحيحة مرفوعة تدل على قتل الوزغ مطلقا ستأتى في بابها من كتاب القتل ان شاء الله تعالى (قال الأمام مالك رحمه الله) لا ارى قتل الوزغ، والأخبار بقتلها متواترة لكن مطلقا لا في الحرم، ولذلك توقف فيها الأمام مالك رحمه الله في الحرم (وقالت طائفة) لا يقتل من جنس الغراب غلا الأبقع، وتقدم الكلام عليه في الشرح بما لا يحتاج لزيادة (واختلفوا في الزنبور) فبعضهم شبهة بالعقرب. وبعضهم رأى أنه أضعف نكاية من العقرب، وبالجملة بكل واحد منها ما يشبهه إن كان له شله، ومن لم ير ذلك قصر النهى على المنطوق به والله أعلم (قال النووى) رحمه الله. وفي قتل هذه الأحاديث دلالة للشافعي وموافقية في أنه يجوز أن يقتل في الحرم كل من يجب عليه قتل بقصاص أو رجم بالزنا أو قتل في المحاربة أو غير ذلك، وأنه يجوز إقامة كل الحدود فيه سواء كان موجب القتل والحد جرى في الحرم أو خارجه ثم لجأ صاحبه إلى الحرم (وهذا مذهب مالك والشافعى) وآخرين (وقال أبو حنيفة) وطائفة ما ارتكبه من ذلك في الحرم يقام عليه فيه، وما فعله خارجه ثم لجأ اليه إن كان إتلاف نفس لم يقم عليه في الحرم، بل يضيق عليه ولا يكلم ولا يجالس ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج منه فيقام عليه خارجه، وما كان دون النفس يقام فيه (قال القاضي) وروى عن ابن عباس وعطاء والشعبي والحكم نحوه. لكنهم لم يفرقوا بين النفس ودونها. وحجتهم ظاهر قول الله تعالى "ومن دخله كان آمنا" وحجتنا عليهم هذه الأحاديث لمشاركة فاعل الجناية لهذه الدواب في اسم الفسق. بل فسقه أفحش لكونه مكلفاً، ولأن التضييق الذي ذكروه لا يبقى لصاحبه أمانا، فقد خالفوا ظاهر ما فسروا به الآية (قال القاضي) ومعنى الآية عندنا وعند أكثر المفسرين أنه إخبار عما كان قبل الأسلام وعطفه على ما قبله من الآيات، وقيل آمن من النار (وقالت طائفة) يخرج ويقام عليه الحد وهو قول ابن الزبير والحسن ومجاهد وحماد والله أعلم - وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.