-[مذاهب العلماء فيما يكره من الأسماء - وحكم التسمي بأسماء الملائكة]-
.....
للدينار والدرهم فرضى بعبوديتهما عن عبودية ربه تبارك وتعالى. وأما قوله صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب. فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك وإنما هو من باب الأخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره؛ والأخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، ولا وجه لتخصيص أبي محمد رحمه الله ذلك بعبد المطلب خاصة فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسمون بنى عبد شمس وبنى عبد الدار بأسمائهم ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. فباب الأخبار أوسع من باب الأنشاء فيتجوز فيه ما لا يتجوز في الأنشاء أهـ (واستدل بحديث سمرة بن جندب) على كراهة التسمي بأفلح ويسار ونافع ورباح ونجيح ونحو ذلك (قال النووي) قال أصحابنا يكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في الحديث وما في معناها، ولا تختص الكراهة بها وحدها، وهي كراهة تنزيه لا تحريم. والعلة في الكراهة ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فإنك تقول أئم هو؟ فيقول لا. فكره لبشاعة الجواب. وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة أهـ (قال القاضي عياض) وقد كره بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة وهو قول الحارث بن مسكين (قال وكره مالك) رحمه الله التسمي بجبريل وياسين وأباح ذلك غيره أهـ (قلت) والظاهر أن الأمام مالك رحمه الله إنما كره ذلك لحديث فيه رواه البخاري في تاريخه وفيه - وتسموا بأسماء الأنبياء ولا تسموا بأسماء الملائكة. قال رجل وباسمك؟ قال وباسمي ولا تكنوا بكنيتي (قال البيهقي - قال البخاري) في غير هذه الرواية في إسناده نظر أهـ (قلت) وروى عبد الرزاق في الجامع عن معمر قال قلت لحماد بن أبي سليمان كيف تقول في رجل تسمي بجبريل وميكائيل فقال لا بأس به أهـ (قال الحافظ ابن القيم) في تحفة الودود وقد كان صلى الله عليه وسلم يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه جدا من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال. حتى أنه مر في مسير له بين جبلين فقال ما اسمهما؟ فقيل ناضح ومخز فعدل عنهما ولم يمر بينهما، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك. قال وتأمل ما رواه الأمام مالك في الموطأ عن يحيي بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل ما اسمك؟ فقال جمرة، فقال ابن من؟ فقال ابن شهاب. قال ممن؟ قال من الحرقة. قال أين مسكنك؟ قال بحرة النار. قال بأيها؟ قال بذات لظي، قال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا، قال فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال وقد استشكل هذا من ليس يفهمه، وليس بحمد الله مشكلا، فإن مسبب الأسباب جعل هذه المناسبات مقتضيات هذا الأثر، وجعل اجتماعها على هذا الوجه الخاص موجبا له وأخر اقتضاءها لأثرها إلى أن يتكلم به من ضرب الحق على لسانه ومن كان الملك ينطق على لسانه فحينئذ كمل اجتماعها وتمت فرتب عليه الأثر، ومن كان له في الباب فقه نفس انتفع به غاية الانتفاع، فإن البلاء موكل بالمنطق (قال أبو عمر) وقد