-[حديث عمر بن الخطاب فيمن قال الله فيهما (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما)]-
لقوله بل شربت عسلا (حدثنا عبد الرزاق)(١) أنبأنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثور عن ابن عباس قال لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللتين قال الله تعالى (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) حتى حج عمر وحججت معه فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر (٢) وعدلت معه بإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه (٣) فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين عن المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما)؟ فقال عمر واعجبا لك يا ابن عباس (٤) قال الزهري كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه عنه، قال هي حفصة وعائشة، قال ثم أخذ يسوق الحديث، قال كنا معشر قريش قومًا نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي (٥) قال فتغضبت يومًا على امرأتي فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره (٧) إحداهن اليوم إلى الليل، قال فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم، قلت وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت نعم، قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت، لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئًا وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم (٨) وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك: يريد عائشة: (٩) قال وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله (١٠) صلى الله عليه وسلم ينزل يومًا وأنزل يومًا فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآنية بمثل ذلك: قال وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل (١١)
(ق. وغيرهما) (١) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (٢) أي تنحى عن الطريق لأجل قضاء الحاجة وهو معنى قول ابن عباس فتبرز (والإداوة) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء، وجمعه أداوى بفتح الهمزة والواو (٣) فيه جواز الاستعانة في الوضوء إن كانت لعذر فلا بأس بها، وإن كانت لغيره فهي خلاف الأولى ولا يقال مكروعة على الصحيح قاله النووي (٤) وجه تعجب عمر تأخير ابن عباس سؤاله عنهما إلى ذاك الحين هيبة له كما ذكر ذلك صريحًا في بعض الروايات (٥) العوالي موضع قريب من المدينة وكأنه جمع عالية اهـ مصباح (٦) أي شيء من مراجعتي إياك تراه منكرًا (٧) أي وتقعد في بيتها مفارقة له، وليس ذلك لحق لها مُنعته، بل لمقتضى غيرتهن عليه صلى الله عليه وسلم (٨) أي أحسن وأجمل منك (ولفظ البخاري) أوضًا بدل اسم من الوضاءة وهو الحسن والبهجة (وجاء عند مسلم) بلفظ أوسم كما هنا والمعنى واحد (٩) قال الراوي يريد عائشة يعني أن مراد عمر بالجارة التي وصفها بالوسامة والأحبية إليه صلى الله عليه وسلم عائشة الصديقة والمعنى لا تفتري يا حفصة بكون عائشة تفعل ما نهيتك عنه فإن لها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحظوة والمنزلة ما ليس لك (١٠) معناه كنا نتناوب النزول من العوالي مهبط الوحي والتناوب أن تفعل الشيء مرة ويفعل الآخر مرة أخرى (١١) أي يجعلون لخيولهم نعالًا لغزونا يعني يتأهبون لقتالنا، زاد عند البخاري (وكان من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقام له فلم يبق إلا ملك غسان بالشام كنا نخاف