للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[منقبة لعمر في نزول بعض القرآن على وفق رأيه وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا]-

البيت فوالله ما رأيت فيه شيئًا يرد البصر إلا أهبةً (١) ثلاثة، فقلت ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى (٢) جالسًا ثم قال أفي شك أنت يا عمر يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا (٣) فقلت استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرًا من شدة موجدته (٤) عليهن حتى عاتبه الله عز وجل (٥) (عن أنس) (٦) قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وافقت ربي عز وجل في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث (٧) قال قلت يا رسول الله لو اتخذت المقام مصلى قال فأنزل الله عز وجل (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وقلت لو حجبت عن أمهات المؤمنين فإنه يدخل عليك البر والفاجر فأنزلت آية الحجاب قال وبلغني عن أمهات المؤمنين شيء فاستقريتهن أقول لهن لتكفنَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله بكن أزواجًا خيرًا منكن (٨) مسلمات حتى أتيت على إحدى أمهات


فيحذره (١) بضم الهمزة وسكون الهاء وهو الجلد، وقيل إنما يقال للجلد اهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا (نه) والمعنى أنه ما رأى في البيت شيئًا يحمله على تكرار الرؤية (٢) أي عن اتكائه وقوله جالسًا معناه لم يكن استواؤه قائمًا بل جلس مستويًا غير متكئ (٣) قال القاضي عياش هذا مما يحتج به من يفضل الفقر على الغنى لما في مفهومه أن بمقدار ما يتعجل من طيبات الدنيا يفوته من الآخرة مما كان مدخرًا لو لم يتعجله. قال وقد يتأوله الآخرون بأن المراد أن حظ الكفار هو ما نالوه من نعيم الدنيا ولا حظ لهم في الآخرة والله أعلم (٤) أي غضبه يقال وجدت عليه وجدة أي غضبت (٥) أي بقوله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك الخ) زاد الترمذي فجعل له كفارة اليمين (تخريجه) (ق مذ نس) وفي هذا الحديث ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا والزهادة فيها (وفيه) جواز سكنى الغرفة ذات الدرج (وفيه) ما كانوا عليه من حرصهم على طلب العلم وتناوبهم فيه (وفيه) أخذ العلم عمن كان عنده وإن كان الآخذ أفضل من المأخوذ منه كما اخذ عمر عن هذا الأنصاري (وفيه) أن الإنسان إذا رأى صاحبه مهمومًا وأراد إزالة همه ومؤانسته بما يشرح صدره ويكشف همه ينبغي له أن يستأذنه في ذلك كما قال عمر رضي الله عنه استأنس يا رسول الله؟ ولأنه قد يأتي من الكلام بما لا يوافق صاحبه فيزيد هما، وربما أحرجه، وربما تكلم بما لا يرضيه وهذا من الآداب المهمة وفيه غير ذلك كثير والله أعلم (٦) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (٧) أو للشك من الراوي والمعنى واحد لأن من وافقك فقد وافقته، والمعنى أن بعض القرآن نزل على وفق ما أرى عمر، وليس في تخصيصه العدد بالثلاث ما ينفي الزيادة، فقد روي عنه موافقات بلغت الخمسة عشرة، أسارى بدر وقصة الصلاة على المنافقين وتحريم الخمر وغير ذلك (٨) جاء هذا الحديث من طريق هشيم عن حميد عن أنس مختصرًا إلى قوله أزوجًا خيرًا منكن، قال فنزلت لذلك وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى من تفسير سورة البقرة في هذا الجزء صحيفة ٧٦ رقم ١٦٧، وذكرت هذا الطريق هنا لما فيه من الزيادة وذكر صفات الزوجات (قال في الكشاف) فإن قلت كيف تكون المبدلات خيرًا منهن ولم يكن على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين (وأجاب) بأنه عليه الصلاة والسلام إذا طلقهن لعصيانهن له وإيذائهن إياه لم يبقين على تلك الصفة وكان غيرهن من الموصوفات بهذه الأوصاف مع الطاعة لرسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>