(باب قصة أبي هريرة رضي الله عنه في الجوع وفيها معجزة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم)
(عن مجاهد)(١) أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول والله اني كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وان كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع لقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجو منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته الا ليستتبعني (٢) فلم يفعل فمر عمر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهي وما في نفسي فقال أبا هريرة قلت له لبيك يا رسول الله فقال ألحق (٣) واستأذنت فأذن لي فوجدت لبنا في قدح قال من أين لكم هذا اللبن (٤) فقالوا أهداه لنا فلان أو آل فلان قال أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لي قال واهل الصفة اضياف الاسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال (٥) إذا جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية اصاب منها وبعث اليهم منها قال واحزنني ذلك وكنت ارجو أن اصيب من اللبن شربة اتقوى بها بقية يومي وليلتي (٦) فقلت أنا الرسول فإذا جاء القوم كنت أنا الذي يعطيهم فقلت ما يبقى لي من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة الرسول بد فانطلقت فدعوتهم فاقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال أباهر خذ فأعطهم (٧) فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح حتى أتيت على آخرهم ودفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ القدح فوضعه في يده وبقي فيه فضلة (٨)
قال أبو الدرداء والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد الذي سمعت. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء اصدق لهجة من أبي ذر وروى مثل ذلك عن عمرو بن العاص وسيأتي في مناقبه شيء كثير من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (تخريجه) أورده الهيثمي عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن احبكم إلي وأقربكم مني الذي يلحقني على ما عاهدته عليه وقال رواه البزار وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف اهـ (قلت) سنده عند الامام أحمد جيد وليس فيه موسى بن عبيدة (باب) (١) (سنده) حدثنا روح ثنا عمر بن ذر عن مجاهد الخ (غريبه) (٢) معناه أنه لم يسأله عن الآية لاحتياجه إلى السؤال عنها وانما جعل ذلك سببا لكونه يتفطن لحالته فيأخذه إلى منزله فيطعمه ما يسد رءق الجوع فلم يفطن أبو بكر رضي الله عنه لذلك وكذلك عمر رضي الله عنه (٣) أي اتبعني (٤) يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته عمن جاء باللبن (٥) أي ليس لهم مال يأكلون منه ولا أهل ولا عشيرة تواسيهم ولا يمكنهم التكسب لذلك كان مأواهم المسجد وكان أهل المدينة يتصدقون عليهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا اتته هدية ارسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها (٦) انما حزن أبو هريرة لأنه رأى اللبن قليلا في قدح وأهل الصفة كثيرون ففهم أن اللبن لا يبقى منه شيء له يسد به ثورة الجوع ولكن لم يسعه إلا الطاعة فذهب إلى أهل الصفة يدعوهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم (٧) من المتبع أن الساقي يشرب آخر القوم فازداد لذلك خوف أبي هريرة لأنه خشي أنه لا يبق له شيء (٨) شرب جميع القوم من القدح حتى رووا وشبعوا وبقيت فيه فضلة قليلة فدفعه أبو هريرة