أبا مسعود البدري) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالصدقة فينطلق أحدنا فيحامل (١) فيجيء بالمدوان لبعضهم اليوم مائة الف (٢) قال شقيق فرأيت أنه يعرض بنفسه (عن الحسن)(٣) قال لما احتضر سلمان بكى وقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الينا عهدا فتركنا ما عهد الينا أن يكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب (٤) قال ثم نظرنا فيما ترك فإذا قيمة ما ترك بضعه وعشرون درهما أو بضعة وثلاثون درهما (٥)(عن بريدة الأسلمي)(٦) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليكف أحدكم من الدنيا خادم ومركب (عن عراك بن مالك)(٧) قال قال أبو ذر (رضي الله عنه) اني لأقربكم يوم القيامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اقربكم مني يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته عليه (٨) وانه والله ما منكم من احد إلا وقد تشبث منها بشيء غيري
عن عقبة بن عمرو أبي مسعود البدري الخ (غريبه) (١) أي يتكلف أحدنا الحمل على ظهره بمشقة ليحصل على أجرة يتصدق بها وهذا لشدة رغبتهم في الصدقة مع احتياطهم وقلة ذات يدهم مع انها ليست واجبة عليهم (٢) يريد انهم كانوا في مدة النبي صلى الله عليه وسلم فقراء لا يملكون شيئا مدخرا ثم اغناهم الله عز وجل بعد عصر النبوة حتى صار الرجل منهم يملك مائة الف مدخرة يعني نفسه ولذلك قال شقيق فرأيت أنه يعرض بنفسه والله أعلم (تخريجه) (ق نس جه) (٣) (سنده) حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن الخ (غريبه) (٤) يعني شيئا قليلا على قدر الحاجة لأن المسافر لا يتزود لسفره إلا بقدر الحاجة وفيه اشارة إلى أن الانسان في الدنيا كالمسافر لسرعة زوالها وعدم بقائها وانما يتزود منها لدار البقاء بالتقوى والعمل الصالح قال تعالى (وتتزودوا فإن خير الزاد التقوى) (٥) يستفاد من هذا أن سلمان رضي الله عنه كان شديد الورع والزهد في الدنيا ومع هذا فهو يبكي خوفا من أن يكون ترك شيئا يزيد عما عهد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن يترك الآلاف ولم يخطر بباله الموت ولم يؤد زكاتها نسأل الله السلامة (تخريجه) أورده الحافظ المنذري من حديث عامر بن عبد الله وفيه فجمع مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر درهما وعزاه لابن حبان في صحيحه وسنده عند الامام احمد جيد (٦) (سنده) حدثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن عبد الله بن موله عن بريدة الأسلمي الخ (قلت) قال في الخلاصة عبد الله بن موله بضم أوله وفتح الواو واللام المشددة القشيري عن بريدة الأسلمي وعنه أبو نضرة وثقة ابن حبان (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للنسائي والضياء المقدسي ورمز له بعلامة الصحة وفيه الترغيب في عدم التوسع في ملذات الدنيا ونعيمها لأن التوسع في نعيمها يوجب الركون اليها والانهماك في لذاتها وحق على كل مسافر أن لا يحمل إلا بقدر زاده في السفر والباعث على هذا قصر الأمل ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق بقوله (كزاد الراكب) تشبيها للانسان في الدنيا مجال المسافر (٧) (سنده) حدثنا يزيد ثنا محمد بن عمرو عن عراك بن مالك الخ (غريبه) (٨) يعني من الزهد في الدنيا وعدم التكثر منها والرضا بالكفاف وقد كان ابو ذر كذلك واقل من ذلك حتى لم يترك ما يكفنن فيه فقد كفنه رجل من المسلمين حين مات بالربذة بعيدا عن المدينة منقطعا عن خلق الله سنة اثنين وثلاثين (قال المدائني) وصلى عليه ابن مسعود ثم قدم ابن مسعود المدينة فأقام عشرة أيام ثم توفى وكان مذهب ابي ذر انه يحرم على الانسان ادخار ما زاد على حاجته وكان قوالا بالحق ولذلك