الروايات فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم فقال بعض أصحابه يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال تبسمت من عدو الله ابليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعوى بالثبور والويل ويحثوا التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع جزعه
قول أضحك الله سنك قال حدثنا عيسى بن ابراهيم وسمعته من أبي الوليد وانا لحديث عيسى احفظ قالا اخبرنا عبد القاهر بن السرى يعني السلمي ثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس عن ابيه عن جده قال ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابو بكر وعمر اضحك الله سنك وساق الحديث انتهى كلام ابي داود ولم يذكر في الباب غيره وسكت عليه فهو صالح عند (واخرجه ابن ماجه) في كتاب الحج قال ثنا ايوب بن محمد الهاشمي حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرادس السلمي ان اباه اخبره عن ابيه نحو سياق ابراهيم بن الحجاج وقال في آخره فأضحكني ما رأيت من جزعه انتهى (واخرجه الطبراني) من طريق أبي الوليد وعيسى بن ابراهيم بتمامه (واخرجه ايضا) من طريق ابوب بن محمد به واما اعلال ابن الجوزي له تبعا لابن حبان بكنانة فلم يصب ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في ذلك فإن ابن حبان تناقض كلامه فيه فقال في الضعفاء ما نقله عنه ابن الجوزي وذكره في كتاب الثقات في التابعين (وقال) ابن منذه في تاريخه يقال ان له رواية وعبد الله بن كنانة اكثر ما يقع في الروايات مبهما وقد سمى في رواية ابن ماجه وغيرها ولم ار فيه كلاما إلا أن البخاري ذكر الحديث المذكور وقال لم يصح اهـ ولا يلزم من كون الحديث لم يصح ان يكون موضوعا (وقد وجدت له شاهدا قويا) اخرجه أبو جعفر بن جرير في التفسير من سورة البقرة من طريق عبد العزيز بن ابي داود عن نافع عن ابن عمر فساق حديثا فيه المعنى المقصود من حديث العباس بن مرداس وهو غفران جميع الذنوب لمن شهد الموقف وليس فيه قول ابي بكر وعمر وقد اوسعت الكلام عليه في مكان غير هذا واورد ابن الجوزي الطريق المذكور ايضا واعلها ببشار بن بكير الحنفي راويها عن عبد العزيز فقال انه مجهول قلت ولم اجد للمتقدمين فيه كلاما وقد تابعه عبد الرحيم بن هانئ الغساني فرواه عن عبد العزيز نحوه وهو عند الحسن بن سفيان في مسنده والحديث على هذا قوي لأن عبد الله بن كنانة لم يتهم بالكذب وقد روى حديثه من وجه آخر وليس ما رواه شاذا فهو على شرط الحسن عند الترمذي وقد اخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في الاحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين والله الموفق (ثم وجدت له طريقا أخرى) من مخرج آخر بلفظ آخر وفيه المعنى المقصود وهو عموم المغفرة لمن شهد الموقف اخرجه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه اخرجه الطبراني في معجمه عن اسحق بن ابراهيم الدبري عنه عن معمر عن من سمع قتادة يقول حدثنا خلاس ابن عمرو عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ايها الناس ان الله عز وجل قد تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم الا (التبعات فيما بينكم ووهب سيئاتكم لمحسنكم واعطى محسنكم ما سأل فاذهبوا باسم الله فلما كان يجمع قال ان الله قد غفر لصالحكم وشفع صالحيكم في طالحيكم ينزل المغفرة فيعممها ثم يفرق المغفرة في الارض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده وابليس وجنوده على جبل عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم فإن انزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل فيقول كيف استفز بهم حقبا من الدهر