للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، فقيل ومن معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم فقيل وقد أرسل اليه؟ قال قد أرسل اليه، ففتح الباب فاذا أنا بادريس فرحب بى ودعا لى بخير، ثم قال يقول الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا (باب ما جاء فى ذكر نبى الله نوح عليه السلام وقول الله عز وجل وكذلك جعلناكم أمة وسطا) (عن أبى سعيد الخدرى) (١) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم، فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم؟ فيقولون ما أتانا من نذير أو ما أتانا من أحد، قال فيقال لنوح من يشهد لك فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته (٢) قال فذلك قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (٣) قال الوسط العدل قال فيدعون فيشهدون له بالبلاغ (٤) قال ثم أشهد عليكم (٥)


ابن مالك الخ) هذا طرف من حديث الاسراء الطويل وسيأتى بسنده وطوله وشرحه فى القسم الأول من كتاب السيرة النبوية وإنما ذكرته هنا لمناسبة ذكر ادريس عليه وعلى نبينا وجميع الأنبياء الصلاة والسلام ونتكلم على ما قاله العلماء فى شأن ادريس عليه السلام، قال الله تعالى (واذكر فى الكتاب ادريس انه كان صديق نبيا ورفعناه مكانا عليا) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه ادريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية وهو فى عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب، وكان أول بنى آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام، وذكر ابن اسحاق أنه أول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمان سنين وقال الأمام البغوى فى تفسيره هو جد أبى نوح واسمه أخنوح سمى إدريس لكثرة درسه الكتب وكان خياطا وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس الثياب المخيطة وكانوا من قبله يلبسون الجلود، وأول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار، وأول من نظر فى علم النجوم والحساب ثم فسر قوله تعالى (ورفعناه مكانا عليا) فقال قيل هى الجنة وقيل هى الرفعة بعلة الرتبة فى الدنيا، وقيل إنه رفع الى السماء الرابعة (روى انس) ابن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبى صلى الله عليه وسلم انه رأى ادريس فى السماء الرابعة ليلة المعراج اهـ (قلت) أما رؤية النبى صلى الله عليه وسلم ادريس ليلة الاسراء فى السماء الرابعة فقد رأى غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وليس فيه حجة لكونه مستقرا فى السماء، ولا اشكال فى رؤية الانبياء غير عيسى عليهم السلامبالسماء مع استقرار أجسامهم فى قبورهم بالأرض لأنه إما حضرت أجسامهم لملاقاته صلى الله عليه وسلم تلك الليلة تشريفا له صلى الله عليه وسلم ويعضده حديث أنس ففيه وبعث له آدم فمن دونه من الانبياء فأمهم، أو تشكلت أرواحهم بصور أجسامهم لأن الأرواح فى غاية اللطافة وقد أودع فيها قوة التجسد كما يشعر به ما وقع للروح الأمين والله أعلم (باب) (١) (سنده) حدثنا وكيع عن الاعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (٢) أى يشهدون بما علموه من قوله تعالى (إنا أرسلنا نوحا الى قومه ان انذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) (٣) فسر الوسط من الحديث بالعدل أى عدولا وهو فى الاصل اسم لما يستوى نسبة الجوانب اليه كالمركز للدائرة، ثم استعير للخصال المحمودة البشرية لكونها أوساطا للاخلاق الذميمة المكتنفة بها من طرفى التفريط والافراط وبقية الآية (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (٤) جاء فى بعض طرق الحديث فيقال وما علمكم؟ فيقولون جاءنا نبينا فاخبرنا ان الرسل قد بلغوا (٥) معناه

<<  <  ج: ص:  >  >>