وخدم وليدة (باب ذكر مهاجرة ابراهيم بابنه اسماعيل وأمه هاجر الى جبال قاران وهى أرض مكة وسبب وجود زمزم وبنائه البيت العتيق)(حدثنا عبد الرزاق)(١) ثنا معمر عن أيوب وكثير بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال ابن عباس أول ما اتخذت النساء المنطق (٢) من قبل أم أسماعيل اتخذت منطقا (٣) لتنفى أثرها على سارة فذكر الحديث (٤) قال ابن عباس رحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم أو قال
الطائفة القليلة التى آمنت به، وكانت سارة عقيما لا تلد وكان يحزنها ان ترى زوجها الوفى يتطلع الى النسل فاشارت على زوجها ان يدخل بأمتها هاجر وهى الوفية الكريمة الأمينة علها تنجب ولدا تشرق به حياتهما فانصاع لأمرها وخضع لأشارتها فلما وهبته إياها ودخل بها انجبت غلاما زكيا هو اسماعيل فانتعشت نفس ابراهيم عليه السلام وقرت عينه وكذلك سارة شايعته زمنا فى بهجته ولكن الغيرة لم تلبث ان دبت الى قلبها فحرمت الهدوء والهجوع واصبحت لا تطيق النظر الى الغلام ولا تحتمل رؤية هاجر فتمنت على زوجها ان يذهب بهاجر وطفلها أقصى الأماكن حتى لا يصل صوتهما الى سمعها، أذعن ابراهيم عليه السلام لإدارتها وكأن الله تعالى أوحى اليه أن يطيع أمرها ويستجيب الى رجائها لحكمة يعلمها الله عز وجل، فركب دابته واصطحب الغلام وأمه وسار ترشده ارادة الله وتحدوه عنايته حتى وقف عند مكان البيت فأنزل هاجر وطفلها فى هذا المكان القفر وتركهما فى تلك البقعة الجرداء وستاتى بقية القصة فى الحديث التالى وشرحه (باب) (١) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (٢) بكسر الميم وفتح الطاء بينهما نون ساكنة ما تشد به المرأة على وسطها عند الشغل لئلا تعثر فى ذيلها (وقوله من قبل أم اسماعيل) بكسر القاف وفتح الموحدة أى من جهة أم اسماعيل) (٣) قال الحافظ سبب ذلك ان سارة وهبتها للخليل عليه السلام كما تقدم فحملت منه باسماعيل فلما وضعته غارت فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقا فشدت به وسطها وهربت وجرّت ذيلها لتخفى أثرها على سارة ويقال ان ابراهيم شفع فيها وقال لسارة حللى يمينك بأن تثقى أذنيها وتخفضيها وكانت أول من فعل ذلك ووقع فى رواية ابن علية عند الاسماعيلى أول ما أحدث العرب جر الذيول عن أم اسماعيل، وذكر الحديث، ويقال ان سارة اشتدت بها الغيرة فخرج ابراهيم باسماعيل وأمه الى مكة لذلك، وروى ابن اسحاق عن ابن أبى نجيح عن مجاهد وغيره ان الله لما برّأ لابراهيم مكان البيت خرج باسماعيل وهو طفل صغير وأمه قال وحملوا على البراق (٤) هكذا جاء عند الامام أحمد مختصرا فذكر منه مواضع متفرقة وقد ذكره البخارى تاما: لذلك آثرت نقله جميعه هنا لاشتماله على جميع القصة (قال البخارى) عقب قوله لتعفى أثرها على سارة (قال) ثم جاء بها أبراهيم وبابنها اسماعيل وهى ترضعه حتى وضعهما عند البيت (أى عند مكان البيت الحرام قبل ابن يبنيه) عند دّوْحة (أى شجرة عظيمة) فوق زمزم فى أعلى المسجد (أى أعلى مكان المسجد) وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاعا فيه ماء ثم قضَّى منطلقا فتبعته أم اسماعيل فقالت يا ابراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه إنس (بكسر الهمزة ضد الجن وفى رواية أنيس) ولا شئ: فقالت له ذاك مرارا وجعل لا يلتفت اليها، فقالت له الله الذى أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت اذا لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق