-[مجيء فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر لأخذ ميراثها قبل علمها بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث]-
مما أفاء الله عليه (١) بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر (٢) فقال أبو بكر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة: إنما يأكل آل محمد في هذا المال (٣) وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر (٤) في ذلك، فقال أبو بكر والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر (٥) بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم اترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته (وعنه من طريق ثان)(٦) عن عائشة أيضًا بنحوه وفيه قالت عائشة فغضبت فاطمة عليها السلام فهجرت
عن عائشة الخ (غريبه) (١) هو ما أخذ من الكفار على سبيل الغلبة بلا قتال ولا إيجاف أي إسراع خيل أو ركاب ونحوهما من جزية أو ما هربوا عنه لخوف أو غيره، أو صولحوا عليه بلا قتال، وسمى فينا لرجوعه من الكفار إلى المسلمين (٢) أما ما كان بالمدينة فهو نخل بني النضير التي في أيدي بنى فاطمة وكانت قريبة من المدينة، ووصية مخيريق اليهودي الذي أسلم يوم أحد وأوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت سبع حوائط في بني النضير، وما أعضاه الانصار من أرضهم، وحقه من الفيء من أموال بني النضير وثلث أرض وادي القرى أخذه في الصلح حين صالح اليهود، وحصنان من حصون خيبر الوطيح والسلالم حين صالح اليهود، (وأما فدك) محركة وبالصرف وعدمه بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة (وأما ما بقى من خمس خيير) فهو نصيبه مما افتتح فيها عنوة (٣) يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذا المال لآل محمد صلى الله عليه وسلم يأكلون منه ولم يخصص لأحد منهم شيئا معلوما وأنا لا أفعل غير ذلك (٤) أي غضبت (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه وأما تغضب فاطمة رضي الله عنها وأرضاها على أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه فما أدرى ما وجهه؟ فإن كان لمنعه إياها ما سألته من الميراث فقد اعتذر إليها بعذر يجب قبوله، وهو ما رواه عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نورث ما تركنا صدقة، وهي ممن تنقاد لنص الشارع الذي خفى عليها قبل سؤالها الميراث كما خفى على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخبرتهن عائشة بذلك ووافقنها عليه، وليس يظن بفاطمة رضي الله عنها أنها اتهمت الصديق رضي الله عنه فيما أخبرها به، حاشاها وحاشاه من ذلك، كيف وقد وافقه على رواية هذا الحديث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، ولو تفرد بروايته الصديق رضي الله عنه لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته والانقياد له في ذلك: وإن كان غضبها لأجل ما سألت الصديق إذا كانت هذه الأراضي صدقة لا ميراثا أن يكون زوجها ينظر فيها فقد اعتذر بما حاصله أنه لما كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يرى أن فرضا عليه أن يعمل بما كان يعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال وإني والله لا أدع أمرًا كان يصنعه رسول الله إلا صنعه (٥) أي ما وقع بيني وبينكم من الاختلاف، شجر الأمر يشجر شجورا إذا اختلط واشتجر القوم وتشاجروا إذا تنازعوا واختلفوا (٦) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب