-[كلام العلماء فى الجمع بين معيشته صلى الله عليه وسلم هذه وبين ما كان يأتيه من الغنائم الكثيرة]-
خبز الشعير (عن أبى حازم عن سهل بن سعد) أنه قيل له هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى قبل موته بعينه يعنى الحوّاري؟ قال ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى بعينه حتى لقى الله عز وجل، فقيل له هل كان لكم مناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ما كان لنا مناخل، قيل له فكيف كنتم تصنعون بالشعير؟ قال تنفخه فيطير منه ما طار
قال سمعت أبا أمامة الباهلى يقول ما كان يفضل الخ (غريبه) (١) معناه أنه لم يتيسر لهم من دقيق الشعير ما اذا خبزوه يفضل عنهم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث صحيح غريب، وأخرجه أيضا فى الشمائل (٢) (سنده) حدّثنا عبد الصمد قال ثنا عبد الرحمن يعنى بن عبد الله بن دينار ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد الخ (غريبه) (٣) لم يصرح فى هذا باسم السائل وهو أبو حازم نفسه راوى الحديث عن سهل فقد جاء فى رواية البخارى عن أبى حازم قال سألت سعد بن سهل فقلت هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى الخ والنقى بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء التحتية، وفسره هنا بالحوارى بضم الحاء المهملة وبتشديد الواو وفتح الراء وهو الذى نخل مرة بعد مرة حتى يصير نظيفاً أبيض (٤) أى ما رآه فضلا عن أكله ففيه مبالغة لا تخفى، وفى رواية للبخارى ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله، وتقدم فى حديث عائشة الرابع من أحاديث الباب قالت ما رأى منخلا ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قبض، وللحافظ كلام فى ذلك تقدم فى شرح حديث عائشة المشار اليه (٥) جاء فى رواية للبخارى قلت كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ (قال ننفخه) بضم الفاء أى نطيره بعد الطحن الى الهواء بأيدينا وبأفواهنا (فيطير منه ما طار) أى يذهب منه ما ذهب من النخالة وما فيه خفة زاد الترمذى (ثم نثرِّيه) بثاء مثلثة وراء مشددة أى نبله بالماء من ثرى التراب يثريه أى رش عليه (فنعجنه) (تخريجه) (خ مذ نس) (فائدة) استشكل كونه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يطوون الأيام جوعا مع ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع لأهله قوت سنة، وأنه قسم بين أربعة أنفس من أصحابه ألف بعير مما أفاء الله عليه، وأنه ساق فى حجته مائة بدنة فنحرها وأطعمها المساكين، وأنه أمر لعربى بقطيع من الغنم وغير ذلك مع من كان معه من أصحاب الأموال كأبى بكر وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم على بذلهم أنفسهم وأموالهم بين يديه، وقد أمر بالصدقة فجاء أبو بكر بجميع ماله، وعمر بنصفه، وحث على تجهيز جيش العسرة فجهزهم عثمان بالف بعير الى غير ذلك (وأجاب عنه الطبري) كما حكاه الحافظ فى الفتح بان ذلك كان منهم فى حالة دون حالة لا لعوز وضيق، بل تارة للايثار وتارة لكراهية الشبع وكثرة الأكل، نعم كان صلى الله عليه وسلم يختار ذلك مع امكان حصول التوسع والتبسط فى الدنيا له كما رواه أحمد والترمذى فى حديث أبى أمامة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال عرض على ربى ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا، قلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما، فاذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك (قلت) كل ذلك تقدم فى كتابى الفتح الربانى فى مواضع مختلفة وتقدم أيضاً عن جابر قوله صلى الله عليه وسلم أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق جاءنى به جبريل، رواه الامام أحمد ورجاله رجال الصحيح وصححه ابن حبان وفيه اشارة الى ما تملكه امته من بعده، فانظر الى همته العلية كيف عرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها فى طاعة ربه، فيالها من همة شريفة رفيعة ما اسناها: ونفس زكية ما أبهاها، وقد عوّضه