للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[ما جاء في فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه]-

ابن مالك فقال لي: من أنت، قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: أنك بسعد اشبه ثم بكى وأكثر البكاء فقال رحمة الله على سعد كان من أعظم الناس وأطولهم ثم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى أكيدر دومة فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبَّهٍ من ديباج منسوج فيه الذهب، فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام على المنبر -أو جلس- فلم يتكلم ثم نزل، فجعل الناس يلمسون الجبة وينظرون إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون منها، قالوا ما رأينا ثوبًا قط أحسن منه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن مما ترون.


(١) أي وكان أنس قد قدم المدينة (٢) كان ذلك والنبى صلى الله عليه وسلم بتبوك أرسل خالد بن الوليد فى سرية إلى أكيدر بن عبد الملك الكندى صاحب (دومة الجندل) أى الوالى عليها من قبل هرقل وقال له ستلقاه يصيد الوحش وجاءت بقرة وحشية فحككت قرونها بحصنه فنزل إليها ليلا ليصيدها فهجم عليه خالد فأسره وقتل أخاه حسان بن عبد الملك وذهب به إلى النبى صلى الله عليه وسلم فصالحه وأمنه وقرر عليه وعلى آله الجزية وكان نصرانيا وأسلم أخوه حريث فأقره النبى صلى الله عليه وسلم على ما فى يده ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم نقض أكيدر المهد فغزاه خالد فى عهد أبى بكر رضى الله عنه وهو بالعراق سنة ١٢ وقتله و (دومة) هى بضم الدال وفتحها والواو ساكنة لا غير مدينة لها حصن وهى فى برية فى أرض نخل وزرع يسقون بالنواضح وحولها عيون قليلة وهى من المدينة على عشر مراحل ومن دمشق عل ثمانية ويقال لها أيضا (دومة الجندل) والجندل الحجارة والدومة مجتمعها كأنما سميت بذلك لأن مكانها مجتمع الاحجار وأما (أكيدر) فهو بضم الهمزة وفتح الكاف قال ابن منده وأبو نعيم الأصبهانى فى كتابيهما فى معرفة الصحابة أن أكيدر هذا أسلم وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء قال ابن الأثير فى معرفة الصحابة أما الهدية والمصالحة فصحيحان وأما الاسلام فغلط لأنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير (٣) قوله فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك قبل أن يحرم لبس الحرير ففى مسند أحمد ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من حرير وذلك قبل أن ينهى نبى الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير فلبسها فعجب الناس منها الحديث قال الشوكانى لا نزاع أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يلبس الحرير ثم كان التحريم آخر الأمرين (٤) (أو) للشك من الراوى بين كون اللفظ المسموع (فقام على المنبر فلم يتكلم) أو (فجلس على المنبر فلم يتكلم) (٥) هو بضم الميم وكسرها (٦) جمع منديل بكسر الميم فى المفرد وهو الذى يحمل فى اليد قال النووى: قال العلماء هذه إشارة إلى عظيم منزلة سعد فى الجنة وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه لأن المنديل أدنى الثياب إذ هو معد للوسخ والامتهان فغيره أفضل وفيه إثبات الجنة لسعد اهـ (تخريجه) أخرجه فى كتاب اللباس الترمذى والنسائى من طريق محمد بن عمرو به قال الترمذى وهذا حديث حسن صحيح وأخرجه الشيخان مختصرا من طريق يونس بن محمد حدثنا شيبان عن قتادة ثنا أنس بن مالك أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها فقال والذى محمد نفس بيده إن مناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا (قول الراوى وكان ينهى عن الحرير أى فيما بعد وإلا ناقض ما قررناه في الشرح) وروى

<<  <  ج: ص:  >  >>