الحمد لله الذي هدى المؤمنين لنور كتابه وشرفهم بالوقوف خاشعين على أبوابه ورزقهم حب النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته والتمسك بما جاء به ولزوم شريعته (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها).
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد جد الخطى ليلحق السابقين وهو أقصر ما يكون باعا ويدرك السائرين فوق بحار العلوم ولا يملك سفينة ولا شراعا ويحاول التأسي بمن جابوا الأرض وقد حملوا أوراقهم ومحابرهم وأقلامهم وأفنوا العمر في خدمة العلم متطلعا إليهم شوقا والتياعا.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وأشرف خلقه وخاتم أنبياءه أنزل الله عليه كتابه هدى وتبيانا وجعله للناس نورا وبرهانا وأمره أن يرتله ترتيلا وبينه للناس شرحا وتفصيلا فقال سبحانه مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {٤٤})
فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وبين في سنته الكريمة الأسرار التي شملها كتاب الله والأحكام التي وردت به والمقاصد التي عناها والأغراض التي أشار إليها.
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الطيبين والتابعين وتابعي التابعين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين ورزقنا متابعتهم والسير على نهجهم وحشرنا في زمرتهم آمين.
ووعى المسلمون سنته صلى الله عليه وسلم فكانوا أوعية لها وحفظوها فكانت صدورهم صناديق تحملها أنى اتجهت وتناقلها، وقد حرصوا أشد الحرص على التزامها وتفهمها والعمل بها وتبليغها امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم (نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع).
ولقد كان إمامنا وشيخنا الوالد الكريم التقي النقي الورع الزاهد المحدث الفقيه سيدنا وشيخنا الإمام (أحمد عبد الرحمن البنا) صاحب الفتح الرباني وشرحه المسمى بلوغ الأماني من أولئك الذين وقفوا حياتهم لخدمة السنة النبوية الشريفة وتفرغوا لها، فقطع